للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "تحوّلوا عن مكانكم الذي أصابتكم فيه الغفلة". انتهى (١).

١١ - (ومنها): أن فيه خروج الإمام بنفسه في الغزوات، وذلك سنةٌ، وكذلك إرساله السَّرَايا كلُّ ذلك سنةٌ مسنونة (٢).

١٢ - (ومنها): إباحة الاستخدام الصاحب في السفر، وإن كان حُرًّا؛ لأن بلالًا -رضي اللَّه عنه- كان في ذلك الوقت حُرًّا، كان أبو بكر -رضي اللَّه عنه- اشتراه بمكة، فأعتقه، وله ولاؤه، وذلك قبل الهجرة (٣).

١٣ - (ومنها): ما قاله ابن عبد البرّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وفيه أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان ينام أحيانًا نومًا يشبه نوم الآدميين، وذلك إنما كان منه غِبًّا لمعنى يريد اللَّه إحدائه، وليس لأمته سنةٌ تبقى بعده، يَدُلُّك على ذلك قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إني لأنسى، أو أُنَسَّى لأَسُنّ" (٤)، وفي حديث العلاء بن خبّاب أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لو شاء اللَّه لأيقظنا، ولكن أراد أن تكون سنةً من بعدكم".

وأما طبعه، وجبلّته وعادته المعروفة منه، ومن الأنبياء قبله، فَمَا حكاه عن نفسه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن عيني تنامان، ولا ينام قلبي"، فأطلق ذلك عن نفسه إطلاقًا غير مقيد بوقت.

وفي حديث آخر: "إنا معاشر الأنبياء تنام أعيننا، ولا تنام قلوبنا"، فأخبر أن كل الأنبياء كذلك، ومما يصحِّحُ ذلك قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- لأصحابه: "تَرَاصُّوا في الصفّ، فإني أراكم من وراء ظهري"، متّفقٌ عليه.

فهذه جبلته وخلقته، وعادته -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأما نومه في السفر عن الصلاة، فكان خرق عادته؛ لِيَسُنّ لأمته، ويُعَرِّفهم بما يجب على من نام منهم عن صلاته حتى يخرج وقتها، وكيف العمل في ذلك، وجعل اللَّه نومه سببًا بما جرى له في ذلك النوم من تعليمه أمته، وتبصيرهم.

قال: وبهذا تتّفق الآثار الواردة في هذا المعنى، وتأتلف، وغير جائز


(١) "المفهم" ٢/ ٣٥٨.
(٢) "التمهيد" ٦/ ٣٨٩.
(٣) "التمهيد" ٦/ ٣٩١.
(٤) هذا ذكره مالك في "الموطّأ" من بلاغاته.