[القول العشرون]: صلاة الليل، قال الحافظ: وجدته عندي، وذَهِلْت الآن عن معرفة قائله.
وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- بعد ذكر الأقوال ما نصّه: والصحيح من هذه الأقوال قولان: العصر والصبح، وأصحهما العصر؛ للأحاديث الصحيحة، ومن قال: هي الصبح يتأول الأحاديث على أن العصر تُسَمَّى وسطًا، ويقول: إنها غير الوسطى المذكورة في القرآن، وهذا تأويل ضعيف.
ومن قال: إنها الصبح يَحتجّ بأنها تأتي في وقت مشقة، بسبب بَرْد الشتاء، وطيب النوم في الصيف، والنعاس، وفتور الأعضاء، وغفلة الناس، فخُصَّت بالمحافظة؛ لكونها مُعَرَّضةً للضَّيَاع، بخلاف غيرها.
ومن قال: هي العصر يقول: إنها تأتي في وقت اشتغال الناس بمعايشهم وأعمالهم.
وأما من قال: هي الجمعة، فمذهب ضعيف جدًّا؛ لأن المفهوم من الإيصاء بالمحافظة عليها، إنما كان لأنها مُعَرَّضةٌ للضَّيَاع، وهذا لا يليق بالجمعة، فإن الناس يحافظون عليها في العادة أكثر من غيرها؛ لأنها تأتي في الأسبوع مرةً بخلاف غيرها.
ومن قال: هي جميع الخمس فضعيفٌ، أو غلطٌ؛ لأن العرب لا تَذكُر الشيء مُفَصَّلًا، ثم تُجْمِلُهُ، وإنما تذكره مُجْمَلًا ثم تُفَصِّله، أو تُفَصِّل بعضه؛ تنبيهًا على فضيلته. انتهى كلام النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١).
وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- بعد ذكر الأقوال أيضًا ما نصّه: وأضعف الأقوال من قال: هي الصلوات كلّها؛ لأن ذلك يؤدّي إلى خلاف عادة الفصحاء من أوجه:
(أحدها): أن الفصحاء لا يذكرون شيئًا مُفَصَّلًا مُبيّنًا، ثم يذكُرونه مُجْمَلًا، وإنما عادتهم أن يُشيروا إلى مجمل، أو كلّيّ، ثم يفصِّلوه، كقوله تعالى: {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (٦٨)} [الرحمن: ٦٨]، وقد قال اللَّه تعالى:{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى}[البقرة: ٢٣٨]، والصلوات مبيَّنٌ، والصلاة الوسطى مُجمَلٌ.