للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال الإمام أبو منصور الأزهريّ في "شرح ألفاظ المختصر": الشفق عند العرب: الحمرة، رَوَى سلمة عن الفراء، قال: سمعت بعض العرب يقول: عليه ثوب مصبوغ، كأنه الشفق، وكان أحمرَ.

وقال ابن فارس في "المُجْمَل": قال ابن دُرَيْدٍ: الشفقُ: الحمرة، قال ابن فارس: وقال أيضًا الخليل: الشفق الحمرة التي من غُروب الشمس إلى وقت العشاء الآخرة، وذكر قول الفراء، ولم يذكر ابنُ فارس غَيرَ هذا.

وقال الزبيدي في "مختصر العين": الشفق الحمرة بعد غروب الشمس.

وقال الخطابي في "معالم السنن": حُكِيَ عن الفراء أنه الحمرة، قال: وأخبرني أبو عُمَر عن ثعلب أن الشفق: البياض، قال الخطابي: وقال بعضهم: الشفق: اسم للحمرة، والبياض، إلا أنه إنما يُطْلَق على أحمر ليس بِقَانئٍ، وأبيض ليس بنَاصِع، وإنما يُعْلَم المراد به بالأدلة، لا بنفس الاسم، كالقُرّ، وغيره من الأسماء للشتاء. انتهى (١).

وكتب الإمام الناقد أبو محمَّد بن حزم -رَحِمَهُ اللَّهُ- في كتابه النفيس: "المُحَلَّى"، بحثًا نفيسًا في هذه المسألة، فقال:

(مسألة الشفقِ، والفجرِ) قال عليّ: الفجر فجران، والشفق شفقان، والفجر الأول هو المُستطيل المُستَدَقُّ صاعدًا في الفَلَك، كَذَنبِ السّرْحَان، وتَحْدُث بعده ظلمةٌ في الأفُقِ، لا يُحَرِّم الأكلَ، ولا الشربَ على الصائم، ولا يدخل به وقت صلاة الصبح، هذا لا خلاف فيه من أحد من الأمة كلها.

والآخر هو البياض الذي يأخذ في عرض السماء في أفق المشرق في موضع طلوع الشمس، في كل زمان، ينتقل بانتقالها، وهو مقدمة ضوئها، ويزداد بياضه، وربما كان فيه توريد بحمرة بديعة، وبتبيّنه يدخل وقت الصوم، ووقت الأذان لصلاة الصبح، ووقت صلاتها، فأما دخول وقت الصلاة بتبيّنه فلا خلاف فيه من أحد من الأمة.

وأما الشفقان: فأحدهما الحمرة، والثاني البياض، فوقت المغرب عند ابن أبي ليلى، وسفيان الثوري، ومالك، والشافعيّ، وأبي يوسف، ومحمد بن


(١) "تهذيب الأسماء واللغات" ٣/ ١٦٥ - ١٦٦.