وهو قول أهل اللغة، وبه قال أبو يوسف، ومحمد، وعن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- أنه البياض، وبه قال أبو حنيفة، وعن أبي حنيفة قولٌ متَأخِّر أنه الحمرة. انتهى (١).
وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "تهذيب الأسماء واللغات": أجمع العلماء على أن وقت صلاة العشاء يدخل بغيبوبة الشفق، والأحاديث الصحيحة مشهورة بذلك، ولكن اختلفوا في الشفق المراد به، هل هو الأحمر، أو الأبيض؟ والأحمر يتقدم والأبيض يتأخر.
فذهب الشافعي، والجمهور إلى أنه الحمرة، وذهب أبو حنيفة وآخرون إلى أنه البياض.
وَرَوى البيهقيُّ بإسناده الصحيح عن عبد اللَّه بن عُمَر -رضي اللَّه عنهما- أنه قال: الشفق: الحمرة، ورواه البيهقي أيضًا عن عمر بن الخطّاب، وعلي بن أبي طالب، وابن عباس، وأبي هريرة، وعُبادَة بن الصامت، وشَدَّادِ بن أوس -رضي اللَّه عنهم-، ورواه عن مكحول، وسفيان الثوري. ورواه مرفوعًا إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وليس بثابت عنه -صلى اللَّه عليه وسلم-.
وحكى ابن المنذر في "الإشراف" أنه الحمرة عن ابن أبي ليلى، ومالك، والثوري، وأحمد، وإسحاق، وأبي يوسف، ومحمد بن الحسن، قال: ورُوِيَ ذلك عن ابن عمر، وابن عباس، وعن ابن عباس أيضًا أنه البياض، قال: وَرَوَيْنَا عن أنس، وأبي هريرة، وعمر بن عبد العزيز، ما يدلّ على أنه البياض، وبه قال أبو حنيفة، قال ابن المنذر: الشفق: البياض.
وحكى القاضي أبو الطيب عن أبي ثور، وداود أنه الحمرة، وعن زُفَرَ، والمُزَنِيّ أنه البياض.
وحكاه غيره عن معاذ بن جبل الصحابيّ -رضي اللَّه عنه-، ونقل البغوي عن أكثر أهل العلماء أنه الحمرة.
قال: واستَدَلّ أصحابنا -يعني الشافعية- للحمرة بأشياء من الحديث، والمعنى لا يظهر منها دلالةً مُحَقَّقَةً،، والذي ينبغي أن يُعتَمَدَ أن المعروف عند العرب أن الشفق الحمرة، وذلك مشهور في شعرهم، ونثرهم، ويدل عليه نقل أئمة اللغة.