للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ويؤيِّده ما كتب به عمر بن الخطّاب إلى أبي موسى الأشعري: ". . . وأن تصلي العشاء ما بينك وبين ثلث الليل، وإن أخرت فإلى شطر الليل، ولا تكن من الغافلين"، أخرجه مالك، والطحاويّ، وابن حزم، وسنده صحيح.

فهذا الحديث دليل واضح على أن وقت العشاء إنما يمتد إلى نصف الليل فقط، وهو الحقّ، ولذلك اختاره الشوكانيّ في "الدرر البهية"، فقال: ". . . وآخر وقت صلاة العشاء نصف الليل"، وتبعه صديق حسن خان في "شرح الدرر البهية" (٦٩ - ٧٠).

وقد رُوي القول به عن مالك، كما في "بداية المجتهد"، وهو اختيار جماعة من الشافعية، كأبي سعيد الإصطخريّ، وغيره، انظر: "المجموع" (٣/ ٤٠). انتهى كلام الشيخ الألبانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: والحاصل أن ما اختاره هؤلاء الأئمة من أن آخر وقت العشاء هو نصف الليل هو الذي أختاره، وأرجِّحه؛ لكون الدليل معه، وما عداه ليس عليه دليل صحيح صالح للاعتماد عليه؛ كما تقدم في كلام الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-، فتبصّر بالإنصاف، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الحادية عشرة): في اختلاف أهل العلم في معنى الشفق:

قال المجدّ الفيروزآباديّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الشَّفَقُ مُحَرَّكَةً: الحمرةُ في الأُفُقِ من الغروب إلى العشاء الآخرة، أو إلى قريبها، أو إلى قريب العَتَمَةِ. انتهى (٢).

وقال الفيوميّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الشفق: الحمرةُ من غروب الشمس إلى وقت العشاء الآخرة، فإذا ذهب، قيل: غاب الشفقُ، حكاه الخليل، وقال الفراء: سمعت بعض العرب يقول: عليه ثوب كالشَّفق، وكان أحمر، وقال ابن قُتَيْبَةَ: الشفق: الأحمرُ من غروب الشمس إلى وقت العشاء الآخرة، ثمَّ يغيب ويبقى الشفق الأبيض إلى نصف الليل، وقال الزَّجَّاج: الشفق: العمرة التي تُرَى في المغرب بعد سقوط الشمس، وهذا هو المشهور في كتب اللغة.

وقال المُطَرّزِيُّ: الشفقُ: الحمرة عن جماعة من الصحابة، والتابعين،


(١) "تمام المنة" (ص ١٠٤ - ١٤٢).
(٢) "القاموس المحيط" في مادة شفق.