للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

يكون هذا الحديث عنده صحيحًا، ويذهب إلى خلافه (١).

ومن الأدلة على ما ذهبنا إليه في هذه المسألة حديث أبي قتادة، وأبي هريرة -رضي اللَّه عنه- المتفق عليه بلفظ: "ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا".

قال الحافظ في "الفتح": قد استُدِلَّ بهما على أن من أدرك الإمام راكعًا لم تحتسب له تلك الركعة؛ للأمر بإتمام ما فاته؛ لأنه فاته القيام والقراءة فيه، ثم قال: وحجة الجمهور حديث أبي بكرة.

وقد عرفت الجواب عن احتجاجهم به.

وقد ألَّف السيد العلامة محمد بن إسماعيل الأمير رسالة في هذه المسألة، ورجّحَ مذهب الجمهور، وقد كتبت أبحاثًا في الجواب عليها. انتهى كلام الشوكانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٢).

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: الذي يترجح عندي في هذه المسألة قول من قال بعدم الاعتداد بالركعة بإدراك الركوع إلا إذا أدرك القيام والقراءة؛ لقوة دليله، كما عرفت تفصيله فيما سبق.

وهو الذي رجحه الإمام البخاريّ، ونقله عن كل من قال بوجوب القراءة على المأموم، كما حققه في "جزء القراءة"، وابن خزيمة، وابن حزم، ورجحه من متأخري الشافعية التقي السبكيّ، والحافظ العراقيّ، والعلامة الشوكانيّ في "نيل الأوطار"، كما مرّ تحقيقه.

لكن من الغريب أن الشوكانيّ تراجع عن هذا القول، فقال بترجيح مذهب الجمهور في فتاواه المعروف بـ "الفتح الربانيّ"، كما نقل نصه العلامة محمد


(١) لم يصحّح ابن خزيمة هذا الحديث، بل أشار إلى ضعفه، فقد قال بعد إخراجه ما نصّه: قال أبو بكر: في القلب من هذا الإسناد، فإني كنت لا أعرف يحيى بن أبي سليمان بعدالة ولا جرحٍ. . . إلخ، وقال أيضًا: والنبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إن صحّ عنه الخبر أراد بقوله: "فلا تعدّها شيئا"، أي لا تعدّها سجدةً إلى آخر كلامه، فأفاد: أن الحديث لم يصحّ عنده، وإن كانت ترجمته تدلّ على أنه يقول بمذهب الجمهور، وأما ما عزاه إليه في "الفتح"، وتبعه الشوكانيّ من أنه من القائلين بعدم الاعتداد، فلعلّه في كتبه الأخرى، غير "صحيحه"، فليُنظر، واللَّه تعالى أعلم.
(٢) "نيل الأوطار" ٣/ ٦٧ - ٧٠.