للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

التأويل، أو في المحلّ على الرواة. انتهى كلام القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: هذا الذي قاله القرطبيّ من كون قصّة حديث أنس -رضي اللَّه عنه- غير قصّة رفاعة -رضي اللَّه عنه- هو الحقّ، كما لا يخفى على من تأمّله، واللَّه تعالى أعلم.

(فَدَخَلَ الصَّفَّ) وفي نسخة: "فدخل في الصفّ"، وفي رواية النسائيّ: "فدخل المسجد" (وَقَدْ حَفَزَهُ النَّفَسُ) -بفتح الحاء المهملة، والفاء، والزاي المعجمة- من باب ضرب، أي أجهده وضاق به، من شدّة السعي إلى الصلاة لإدراكها، وأصل الحَفْز الدفع، وفي "النهاية": الْحَفْزُ: الحثّ والإعجال.

وقال النووي -رَحِمَهُ اللَّهُ- قوله: "وقد حَفَزه النفس": بفتح حروفه، وتخفيفها: أي ضَغَطه؛ لسرعته. انتهى.

وقال ابن منظور -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الحَفْزُ: حَثُّكَ الشيءَ من خلفه سَوْقًا وغير سوق، وكلُّ دفع حَفْزٌ، وقوسٌ حَفُوزٌ: شديد الحَفْز والدفعِ للسهم، وحَفَزَه: أي دفعه من خلفه يَحْفِزُه حَفْزًا. قال الراجز:

تُرِيحُ بَعْدَ النَّفَسِ الْمَحْفُوزِ

يُريد النفسَ الشديد المتتابعَ، كأنه يُحْفَزُ، أي يُدْفَعُ من سياق، ورأيت فلانًا مَحْفُوزَ النَّفَس: إذا اشتدّ به. انتهى كلام ابن منظور -رَحِمَهُ اللَّهُ- باختصار (٢).

و"النَّفَسُ" -بفتحتين-: نسيم الهواء، وجمعه أنْفَاس. قاله في "المصباح".

والجملة في محل نصب على الحال من فاعل "دخل".

وسبب شدة عَدْوِهِ الحَذَرُ من أن تفوته الجماعة، كما قاله الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-، واعترض عليه القاري بأنه ينافي قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا أقيمت الصلاة، فلا تأتوها تسعون، وائتوها تمشون، وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلّوا، وما فاتكم فأتموا".

وأجاب عنه ابن حجر الهيتميّ بأنه محمول على ما ذهب إليه بعض أئمتنا من أن محل الكراهة فيمن علم أنه يدرك الجماعة لو لم يَسْعَ، أما من علم أنه


(١) "المفهم" ٢/ ٢١٨.
(٢) "لسان العرب" ٥/ ٣٣٧.