للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

لا يُدركها إلا أن يسعى فلا يكره له السعي، ثم قال: والأرجح عندنا أنه لا فرق، وعدم إنكاره -صلى اللَّه عليه وسلم- على تقدير علمه بالعَدْوِ، إنما يدلّ على الجواز، لا على نفي الكراهة، والكلام في غير الجمعة، أما هي فيجب السعي إذا توقف عليه إدراكها، وهو إنما يحصل بإدراك ركوع الركعة الثانية. انتهى.

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: قول القاري: "ينافي الحديث المذكور" غير صحيح؛ لأن الظاهر من حال الرجل أنه لم يبلغه النهي، كما يدل عليه سياق الحديث.

وكذا قول ابن حجر: "محمول على ما ذهب إليه بعض أئمتنا. . . إلخ"، غير صحيح أيضًا؛ لأن هذا القول باطلٌ منابذٌ لصريح الحديث، فلا ينبغي الحمل عليه.

وقوله أيضًا: "وعدم إنكاره -صلى اللَّه عليه وسلم-. . . إلخ"، غير صحيح أيضًا، فقد صح أنه أنكر عليه، ففي مسند أحمد من رواية حميد عن أنس -رضي اللَّه عنه-، زاد في آخر الحديث: ثم قال: "إذا جاء أحدكم إلى الصلاة فلْيَمْشِ على هِينَتِهِ، فليصلّ ما أدرك، وليقض ما سبقه".

وقوله أيضًا: "والكلام في غير الجمعة. . . إلخ"، غير صحيح أيضًا؛ لأن النص لم يُفَرِّق بين الجمعة وغيرها، بل قال: "إذا أتيتم الصلاة، فلا تأتوها، وأنتم تسعون".

وأما الاستدلال بآية {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: ٩]، فغير صحيح أيضًا؛ إذ المراد بها التوجه، والذهاب إليها، لا العَدْوُ، كما في قوله تعالى: {وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا} [الإسراء: ١٩]. كما بيّنه البخاريّ في "كتاب الجمعة" من "صحيحه" (١).

وسيأتي تمام البحث في هذا في الباب التالي -إن شاء اللَّه تعالى-.

(فَقَالَ) أي ذلك الرجل (الْحَمْدُ للَّهِ) وفي رواية النسائيّ: "فقال: اللَّه أكبر، الحمد للَّه. . . "، وفيه تصريح بأن ذلك الرجل قال هذا الذكر بعد دخوله في الصلاة (حَمْدًا كثِيرًا) قال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: منصوبٌ بمضمر يدلّ عليه الحمد،


(١) "الفتح" ٢/ ٤٥٣.