للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وخَرَّج أيضًا من حديث أنس -رضي اللَّه عنه- مرفوعًا: "إن للَّه ملكًا ينادي عند كلّ صلاة: يا بني آدم قوموا إلى نيرانكم التي أوقدتموها على أنفسكم، فأطفئوها" (١).

وأخرج الإسماعيليّ من حديث عمر بن الخطّاب -رضي اللَّه عنه- مرفوعًا: "يَحترقون، فإذا صلَّوا الصبح غَسَلت الصلاة ما كان قبلها"، حتى ذكر الصلوات الخمس.

ولَمّا كانت الصلاة صِلَةً بين العبد وربّه، وكان المصلِّي يُناجي ربّه، وربُّهُ يُقرِّبه منه لم يَصلح للدخول في الصلاة إلا من كان طاهرًا في ظاهره وباطنه، ولذلك شُرِع للمصلِّي أن يتطهّر بالماء، فيُكفِّر ذنوبه بالوضوء، ثم يمشي إلى المساجد، فيكفّر ذنوبه بالمشي، فإن بقي من ذنوبه شيء كفّرته الصلاة.

قال سلمان الفارسيّ -رضي اللَّه عنه-: الوضوء يكفِّر الجراحات الصغار، والمشي إلى المسجد يكفّر أكثر من ذلك، والصلاة تُكفّر أكثر من ذلك، أخرجه محمد بن نصر المروزيّ وغيره.

فإذا قام المصلّي بين يدي ربّه في الصلاة، وشَرَع في مناجاته شُرِع له أوّلَ ما يناجي ربّه أن يسأل ربّه أن يباعد بينه وبين ما يوجب له البعد من ربّه، وهو الذنوب، وأن يُطهِّره منها؛ ليصلح حينئذ للتقريب والمناجاة، فيستكمل فوائد الصلاة وثمراتها، من المعرفة والإنابة والمحبّة والخشية، فتصير صلاته ناهيةً له عن الفحشاء والمنكر.

وقد رُوي أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يستعيذ من صلاة لا تنفع، أخرجه أبو داود (٢).

وأخرج البزّار في "مسنده" بإسناد فيه ضعفٌ، عن سمرة بن جندب -رضي اللَّه عنه- أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقول: "إذا صلَّى أحدكم فليقل: اللَّهمّ باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللَّهمّ إني أعوذ بك أن يُصدّ عني وجهك يوم القيامة، اللَّهمّ نقّني من خطاياي كما يُنقّى الثوب الأبيض من الدنس، اللَّهمّ أحيني مسلمًا، وتوفّني مسلمًا" (٣).


(١) رواه محمد بن نصر ١/ ١٥٧ بمعناه.
(٢) "سنن أبي داود" (١٥٤٩).
(٣) راجع: "كشف الأستار" (٥٢٣).