قيل له: فما يُجزئ من ذلك؟ قال: أدناه أن يزيل قدميه من مكانه. قيل له: فإن ضاق مكانه؟ قال: فليتربع بعد سلامه، فإنه يُجزئه.
ورَوَى أيضًا بإسناده عن ابن مسعود أنه كان إذا سلّم قام وتحوّل من مكانه غير بعيد.
قال حرب: وثنا محمد بن آدم، ثنا أبو المليح الرَّقّيّ، عن حبيب، قال: كان ابن عمر يكره أن يُصلي النافلة في المكان الذي يصلي فيه المكتوبة حتى يتقدّم، أو يتأخّر، أو يتكلّم، وهذه الرواية تخالف رواية نافع التي أخرجها البخاريّ.
وقد ذكر قتادة، عن ابن عمر أنه رأى رجلًا صلّى في مقامه الذي صلى فيه الجمعة، فنهاه عنه، وقال: لا أراك تصلي في مقامك، قال سعيد: فذكرته لابن المسيب، فقال: إنما يكره ذلك للإمام يوم الجمعة.
وعن عكرمة، قال: إذا صليت الجمعة، فلا تصلها بركعتين حتى تفصل بينهما بتحوّل أو كلام. أخرجهما عبد الرزّاق.
ومذهب مالك أنه يكره في الجمعة أن يتنفّل في مكانه من المسجد، ولا ينتقل منه، وإن كان مأمومًا، وأما الإمام فيكره أن يصلي بعد الجمعة في المسجد بكلّ حال.
وقد قال الشافعي في "سنن حرملة": حديث السائب بن يزيد عن معاوية هذا ثابت عندنا، وبه نأخذ، قال: وهذا مثل قوله لمن صلى، وقد أقيمت الصلاة:"أصلاتان معًا؟ "، كأنه أحبّ أن يفصلها منها حتى تكون المكتوبات منفردات مع السلام بفصل بعد السلام.
وقد روي أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- اضطجع بعد ركعتي الفجر.
ورَوَى الشافعي عن ابن عُيينة، عن عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- أنه كان يأمر إذا صلى المكتوبة، فأراد أن يتنفّل بعدها أن لا يتنفّل حتى يتكلّم، أو يتقدّم.
قال ابن عبد البرّ: هذا حديث صحيح، قال: وقال الشعبي: إذا صلّيت المكتوبة، ثم أردت أن تتطوّع فاخطُ خطوة، وخالف ابنُ عمر ابنَ عباس -رضي اللَّه عنهم- في هذا، وقال: وأيّ فصل أفصل من السلام؟.