للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وبه قال الأوزاعي، والثوريّ، وأبو حنيفة، ومالك، وأحمد، وإسحاق، ورُوي عن عليّ -رضي اللَّه عنه- أنه كرهه، وقال النخعي: كانوا يكرهونه.

ورَخّص فيه ابنُ عقيل من أصحاب أحمد، كما رجّحه البخاريّ، ونقله عن ابن عمر، والقاسم بن محمد.

فأما المروي عن ابن عمر، فإنه لم يفعله، وهو إمام، بل كان مأمومًا، كذلك قال الإمام أحمد.

وأكثر العلماء لا يكرهون للمأموم ذلك، وهو قول مالك، وأحمد.

وقد أخرج أبو داود حديثًا يقتضي كراهته من حديث أبي رِمْثة -رضي اللَّه عنه- قال: صلى بنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكان أبو بكر وعمر يقومان في الصفّ المقدّم عن يمينه، وكان رجل قد شهد التكبيرة الأولى من الصلاة، فصلى نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم سلّم عن يمينه، وعن يساره حتى رأيت بياض خدّيه، ثم انفتل، فقام الرجل الذي أدرك التكبيرة الأولى من الصلاة ليشفع، فوثَبَ إليه عمر، فأخذ بمنكبيه، فهزّه، ثم قال: اجلس، فإنه لم يَهْلِك أهل الكتاب إلا أنه لم يكن بين صلاتهم فَصْلٌ، فرفع النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بصره، فقال: "أصاب اللَّه بك يا ابن الخطّاب" (١).

وهذا الحديث إنما يدلّ على كراهة أن يَصلَ المكتوبةَ بالتطوّع بعدها من غير فصل، وإن فصل بالتسليم.

ويدلّ عليه أيضًا ما رَوَى السائبُ بن يزيد قال: صلّيت مع معاوية الجمعة في المقصورة، فلمّا سلّم قمت في مقامي، فصليت، فلمّا دخل أرسل إليّ، فقال: لا تَعُد لما فعلت، إذا صليت الجمعة، فلا تَصلْها بصلاة حتى تتكلّم، أو تخرج، فإن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أمرنا بذلك أن لا تُوصَل صلاةٌ بصلاة حتى نتكلّم، أو نخرج، أخرجه مسلم.

وروى حرب بإسناده عن عطاء أنه قال فيمن صلى المكتوبة: لا يصلي مكانه إلا أن يقطع بحديث، أو يتقدّم، أو يتأخر.

وعن الأوزاعيّ قال: إنما يجب ذلك على الإمام أن يتحوّل من مصلّاه،


(١) هذا الحديث ضعيف يأتي الكلام عليه قريبًا.