للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الأول: أن معناه ساكتين، وبه قال السديّ.

الثاني: طائعين، وبه قال الشعبي، وجابرُ بنُ زيد، وعطاء، وسعيد بن جبرِ، وقال الضحاك: كل قنوت في القرآن، فإنما يُعْنَى به الطاعة.

الثالث: خاشعين، وبه قال مجاهد، قال: والقنوت طول الركوع، والخشوع، وغضّ البصر، وخفض الجَنَاح.

الرابع: القنوت طولُ القيام، وبه قال ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-، وقرأ: "أمَّن هو قانت آناء الليل ساجدًا وقائمًا"، وأخرج مسلم في "صحيح مسلم": "أفضلُ الصلاةِ طولُ القنوت".

وقال الشاعر [من الرَّمَل]:

قَانِتًا للَّهِ يَدْعُو رَبَّهُ … وَعَلَى عَمْدٍ مِنَ النَّاسِ اعْتَزَل

الخامس: معناه: داعين، لما في "الصحيحين" من حديث أنس -رضي اللَّه عنه-: "قَنَتَ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لى شهرًا. . . " الحديث، أي دعا، وقال قوم: معناه طَوَّلَ قيامه.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: أرجح هذه الأقوال عندي أولها؛ لحديث زيد بن أرقم -رضي اللَّه عنه- المذكور هنا، قال: "حتى نزلت {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}، فأمرنا بالسكوت، ونُهِينا عن الكلام".

فهذا نص ظاهر في كون معنى القنوت في الآية السكوتَ. فتبصر، واللَّه تعالى أعلم.

وقيل: إن أصل القنوت في اللغة الدوام على الشيء، ومن حيث كان أصل القنوت في اللغة الدوَام على الشيء جاز أن يُسَمَّى مديمُ الطاعة قانتًا، وكذلك من أطَالَ القيامَ، والقراءةَ والدعاءَ في الصلاة، أو أطال الخشوع والسكوت كل هؤلاء فاعلون للقنوت (١).

وقال ابن دقيق العيد -رَحِمَهُ اللَّهُ-: القنوت يُستَعْمَل في معنى الطاعة، وفي معنى الإقرار بالعبودية، والخضوع، والدعاء، وطول القيام، والسكوت، وفي كلام بعضهم ما يُفْهَم منه أنه موضوع للمشترك.


(١) راجع: "تفسير القرطبي" في تفاصيل هذه الأقوال ٣/ ٢١٣ - ٢١٤.