للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الخطوط خطان، فهما علامة قضاء الحاجة والنُّجْح، قال: والحازي يمحو، وغلامه يقول للتفاؤل: ابْنَيْ عِيَان أَسْرِعَا البيان، قال ابن عباس: فإذا محا الحازي الخطوط، فبقي منها خط واحد، فهي علامة الخيبة في قضاء الحاجة.

قال: وكانت العرب تُسَمِّي ذلك الخط الذي يبقى من خطوط الحازي: الأَسْحَم، وكان هذا الخط عندهم مشؤومًا.

وقال الحربيّ: الخط هو أن يَخُطّ ثلاثة خطوط، ثم يضرب عليهنّ بشعير، أو نَوًى، وبقول: يكون كذا وكذا، وهو ضرب من الكِهانة.

قال ابن الأثير: الخط المشار إليه علم معروف، وللناس فيه تصانيف كثيرةٌ، وهو معمول به إلى الَان، ولهم فيه أوضاع، واصطلاحٌ، وأسامٍ، ويستخرجون به الضمير وغيره، وكثيرًا ما يصيبون فيه. انتهى (١).

(قالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- ("كَانَ نَبِيٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ) قيل: المراد به إدريس، وقيل: دانيال (يَخُطُّ) بالبناء للفاعل، من باب نصر، أي يستعمل الخطّ معجزةً له (فَمَنْ وَافَقَ خَطَّهُ) يَحْتمل الرفع على الفاعليّة، والمفعول محذوفٌ، والنصب على المفعوليّة، والفاعل الضمير المستتر في "وافق" يعود إلى النبيّ على حذف مضاف، أي خطّ ذلك النبيّ، يعني أن من وافق من الناس خطُّهُ خطّ ذلك النبيّ (فَذَاكَ") خبر مبتدأ محذوف، واختُلف في تقديره، فقيل: فذاك مباحٌ، وقيل: فذاك الذي تجدون إصابته فيما يقول، والجملة جواب الشرط.

وقال في "المنهل": قوله: "فذاك" أي فهو مُصيبٌ، وعالمٌ مثل ذلك النبيّ، ولكن لا طريق لنا إلى العلم اليقينيّ بالموافقة، وامتَنَعت الموافقة؛ لأن خطّه كان معجزةً، ولأنه كان يَعرِف بالفراسة بواسطة تلك الخطوط، فلا يُلْحَق به أحدٌ من غير الأنبياء في صفة ذلك الخطّ؛ لقوّة فراسته، وكمال علمه وورعه. انتهى (٢).

وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: اختَلَفَ العلماءُ في معناه، فالصحيح أن معناه: من وافق خطُّهُ فهو مباح، ولا طريق لنا إلى العلم اليقينيّ بالموافقة، فلا يباح، والمقصود أنه حرام؛ لأنه لا يباح إلا بيقين الموافقة، وليس لنا يقين بها.


(١) "النهاية" ٢/ ٤٧.
(٢) "المنهل العذب المورود" ٦/ ٣٢.