للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وإنما قال النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فمَن وافق خطه فذاك"، ولم يقل: هو حرام بغير تعليق على الموافقة؛ لئلا يَتَوهَّم متوهم أن هذا النهي يدخل فيه ذاك النبيّ الذي كان يَخُط، فحافظ النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- على حرمة ذاك النبيّ، مع بيان الحكم في حقنا.

فالمعنى أن ذلك النبيّ لا منع في حقّه، وكذا لو علمتم موافقته، ولكن لا علم لكم بها.

وقال الخطابيّ: هذا الحديث يَحْتَمِل النهي عن هذا الخطّ؛ إذ كان عَلَمًا لنبوة ذاك النبيّ، وقد انقطعت، فنُهِينا عن تعاطي ذلك.

قال القاضي عياض: الأظهر من اللفظ خلاف هذا، وتصويب خطّ من يوافق خطّه، لكن من أين نعلم الموافقة؟ والشرع منع من التخرُّص، وادّعاء الغيب جملةً، وإنما معناه: أن من وافق خطُّه فذاك الذي تجدون إصابته فيما يقول، لا أنه يريد إباحة ذلك لفاعله على ما تأوله بعضهم، وعليه يدلّ ظاهر قول ابن عبّاس، قال: ويَحْتَمُل أن هذا نُسِخَ في شرعنا. انتهى كلام القاضي (١).

قال النوويّ بعدما تقدّم: فحصل من مجموع كلام العلماء فيه الاتفاق على النهي عنه الآن (٢).

وقال القرطبيّ: حَكَى مكيّ في "تفسيره" أنه رُوي أن هذا النبيّ كان يخطّ بأصبعه السبابة والوسطى في الرمل، ثم يزجر. انتهى (٣).

(قَالَ) معاوية -رضي اللَّه عنه- (وَكَانَتْ لِي جَارِيةٌ) أي أمة، سُمّيت جاريةً؛ تشبيهًا لها بالسفينة الجارية في البحر؛ لجريها مُسخَّرةً في أشغال مواليها، والأصل فيها الشابّة؛ لخفّتها، ثم توسّعوا حتى سَمَّوا كلَّ أمة جاريةً، وإن كانت عجوزًا لا تقدر على السعي؛ تسميةً بما كانت عليه، وجمعها جواري، أفاده الفيّوميّ (٤). (تَرْعَى غَنَمًا لِي) "الغنم": اسم جنس يُطلق على الضأن والمعز، وقد يُجمع على أغنام على معنى قُطْعَانات من الغنم، ولا واحد له من لفظه، قاله ابن الأنباريّ، وقال الأزهريّ أيضًا: الغنم: الشاة، الواحدة: شاةٌ، وتقول العرب:


(١) "إكمال المعلم" ٢/ ٤٦٤.
(٢) "شرح النووي" ٥/ ٢٣.
(٣) "المفهم" ٢/ ١٤١ - ١٤٢.
(٤) "المصباح المنير" ١/ ٩٨.