للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

عنها، وإنما يلام الإنسان، أو يُمدَح على ما كان داخلًا تحت استطاعته. انتهى (١).

وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قال العلماء: معناه أن الطِّيَرة شيء تجدونه في نفوسكم ضرورةً، ولا عَتْبَ عليكم في ذلك، فإنه غير مُكْتَسَبٍ لكم، فلا تكليف به، ولكن لا تمتنعوا بسببه عن التصرف في أموركم، فهذا هو الذي تقدرون عليه، وهو مكتسب لكم، فيقع به التكليف، فنهاهم -صلى اللَّه عليه وسلم- عن العمل بالطيرة، والامتناع عن تصرفاتهم بسببها.

قال: وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة في النهي عن التّطَيُّر والطِّيَرَة، وهو محمول على العمل بها، لا على ما يوجد في النفس من غير عمل على مقتضاه عندهم. انتهى.

(قَالَ) وفي نسخة: "وقال" (ابْنُ الصَّبَّاحِ) هو: محمد بن الصبّاح شيخه الأول (فَلَا يَصُدَّنَّكُمْ) يعني بكاف الخطاب بدل قول أبي بكر بن أبي شيبة: "فلا يصدّنّهم" بضمير الغائبين، وهذا من احتياط المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-، وشدّة ورعه في المحافظة على أداء ما سمعه كما سمعه، وإن لم يختلف به المعنى، فللَّه درّه، ما أحسن صنيعه -رَحِمَهُ اللَّهُ-.

(قَالَ) معاوية بن الحكم -رضي اللَّه عنه- (قُلْتُ: وَمِنَّا رِجَالٌ يَخُطُّونَ) أي يستعملون خطًّا معروفًا عندهم يدّعون به التوصّل إلى معرفة النجاح والخيبة في قضاء الحاجة.

قال في "اللسان": الخط: الكتابة ونحوها مما يُخَطّ، ورَوَى أبو العباس عن ابن الأعرابيّ أنه قال في الطَّرْق (٢).

وقال في "النهاية": قال ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-: "الخط": هو الذي يَخُطُّه الحازي، وهو علم قد تركه الناس، يأتي صاحب الحاجة إلى الحازي، فيُعطيه حُلْوانًا، فيقول له: اقعُد حتى أَخُطّ لك، وبين يدي الحازي غلام له، معه مِيلٌ له، ثم يأتي إلى أرض رِخْوَة، فيخط الأستاذ خطوطًا كثيرة بالعجلة؛ لئلا يلحقها العدد، ثم يرجع فيمحو منها على مَهَلٍ خطين خطين، فإن بقي من


(١) "المفهم" ٢/ ١٤١.
(٢) لسان العرب ٧/ ٢٨٧.