للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وعلى ما قاله غيره جملة مستأنفة استئنافًا بيانيًّا، كأنه قيل له: ما الذي قاله لك في تعليمه الحسن؟، فقال: "قال: إن هذه الصلاة. . . إلخ".

وفي بعض "النسخ" "ثم قال"، وهو واضح.

("إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ) وفي رواية النسائيّ: "إن صلاتنا هذه"، والمراد مطلق الصلاة، فيشمل الفرض والنفل (لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ) وفي رواية: "لا يحلّ وقوله: "يصلح" بضمّ اللام وفتحها، يقال: صلح الشيءُ صُلُوحًا، من باب قعد، وصلاحًا أيضًا، وصَلُحَ يَصْلُحُ بضمّ اللام فيهما لغةٌ، وهو خلاف فَسَدَ، وصَلَحَ يَصْلَحُ بفتحتين لغة ثالثة، أفاده الفيّوميّ (١).

وقوله: (مِنْ كَلَامِ النَّاسِ) بيان لـ "شيء"، أي ما يجري في مخاطباتهم ومحاوراتهم.

قال الشوكانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: و"كلام الناس" اسم مصدر يراد به تارةً ما يُتكلَّم به، على أنه مصدر بمعنى المفعول، وتارةً يراد به التكليم للغير، وهو الخطاب، والظاهر أن المراد به ههنا الثاني بشهادة السبب. انتهى (٢).

وقال السيوطيّ في "شرح النسائيّ": هذا من خصائص هذه الشريعة، ذكر القاضي أبو بكر ابن العربيّ: أن شريعة بني إسرائيل كان يباح فيها الكلام في الصلاة دون الصوم، فجاءت شريعتنا بعكس ذلك.

وقال ابن بطّال -رَحِمَهُ اللَّهُ-: إنما عيب على جُريج عدم إجابته لأمه، وهو في الصلاة؛ لأن الكلام في الصلاة كان مباحًا في شرعهم، وفي شرعنا لا يجوز قطع الصلاة لإجابة الأمّ؛ إذ لا طاعة لمخلوف في معصية الخالق. انتهى (٣).

(إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ، وَالتَّكْبِيرُ، وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ") "هو" ضمير يعود إلى الشيء الذي يصلح في الصلاة، وهو مبتدأ خبره "التسبيح. . . إلخ"، وفي رواية: "إنما هي التسبيح"، أي الصلاة، وقوله: (أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-) "أو" للشكّ من الراوي، وهو معاوية بن الحكم، أو من دونه، أتى به تحرّيًا واحتياطًا في الألفاظ النبويّة، واللَّه تعالى أعلم.


(١) "المصباح المنير" ١/ ٣٤٥.
(٢) "نيل الأوطار" ٣/ ٢١١.
(٣) "زهر الربى في شرح المجتبى" ٣/ ١٧.