للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

محذوف، وهو ما دلّ عليه جملة "فبأبي هو وأمي ما رأيت معلّمًا. . . إلخ"، أي اشتَغَل بتعليمي بالرفق، وحسن الكلام. انتهى (١).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: عندي الأحسن تقدير جواب "لَمّا" بما وقع في الرواية الأخرى، أي "دعاني. . . إلخ"، فقد وقع ذلك فيما أخرجه النسائيّ، ولفظه: "فلما انصرف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- دعاني بأبي وأمي هو. . . إلخ"، وإنما استحسنت هذا؛ لأن خير ما فُسّر به الوارد بالوارد، ومعنى "انصرف" أي سلّم من صلاته.

(فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي) قال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذه الفاء كما في قوله تعالى: {فَلَا تَكُنْ} في قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (٢٣)} [السجدة: ٢٣]، فإنه عطف {وَجَعَلْنَاهُ} على {آتَيْنَا}، وأوقعها معترضةً بين المعطوف والمعطوف عليه. انتهى.

وقوله: "بأبي هو وأمّي" الجارّ والمجرور متعلّق بمحذوف خبرٍ لـ "هو" مقدّمًا عليه، أي هو مفديّ بأبي وأميّ.

(مَا) نافية (رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ) بالنصب مفعول ثانٍ لـ "رأيتُ" إن كانت علميّة، أو منصوب على الحال، إن كانت بصريّة، أي ما علمت، أو ما أبصرت قبله -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا بعده معلّمًا أحسن منه، وقوله: (تَعْلِيمًا) منصوب على التمييز، أي من حيث التعليمُ (مِنْهُ) متعلّق بـ "أحسن".

ثم بيّن حسن تعليمه -صلى اللَّه عليه وسلم- بقوله: (فَوَاللَّهِ مَا كهَرَنِي) "ما" نافيةٌ، و"كهر" من باب مَنَعَ، قال أبو عُبيد: الْكَهْرُ: الانتهار، وقيل: الْعُبُوسُ في وجه من يلقاه. انتهى.

وقرأ ابن مسعود -رضي اللَّه عنه-: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (٩)} [الضحى: ٩] بالكاف.

والمعنى هنا: أنه لم ينتهرني، ولا أغلظ لي القول، ولا استقبلني بوجه عَبُوس على ما فعلتُ من المخالفة في الصلاة.

(وَلَا ضَرَبَنَي) تأديبًا على ما أسأت في صلاتي بقولي: يرحمك اللَّه (وَلَا شَتَمَنِي، قَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو جواب "فلما صلى. . . إلخ" على ما قاله الطيبيّ،


(١) راجع "المرعاة" ٣/ ٣٣٩.