للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ؟) "ما" استفهاميّة مبتدأ خبرها "شأنكم"، وفي رواية النسائيّ: "ما لكم تنظرون إليّ؟ " (فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ) وفي رواية النسائيّ: "فضرب القوم بأيديهم على أفخاذهم"، وإنما فعلوا ذلك زيادةً في الإنكار حتى يسكت.

قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: يَحْتَمِل أن يكون هذا الفعل منهم قبل نهي النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عن التصفيق، والأمر بالتسبيح، ويَحْتَمِلُ أن يقال: إنهم فَهِمُوا أن التصفيق المنهيّ عنه إنما هو ضرب الكفّ على الكفّ، أو الأصابع على الكفّ، ويبعُدُ أن يُسمَّى مَن ضَرَبَ على فخذه، وعليها ثوبه مصفِّقًا، ولهذا قال: "فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم"، ولو كان يسمَّى تصفيقًا لكان الأقرب في اللفظ أن يقول: يُصفّقون، لا غير. انتهى (١).

وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وفيه دليلٌ على جواز الفعل القليل في الصلاة، وأنه لا تبطل به الصلاة، وأنه لا كراهة فيه إذا كان لحاجة. انتهى (٢).

(فَلَمَّا رَأْيتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي) بضمّ أوله، وتشديد الميم، أو تخفيفها، من التصميت، أو الإصمات، قال الفيّومي: صَمَتَ صَمْتًا، من باب قتل: سكت، وصُمُوتًا، وصُمَاتًا، فهو صامت، وأصمته غيره، وربّما استعمل الرباعيّ لازمًا أيضًا. انتهى (٣).

وقال المجد: الصَّمْتُ والصُّمُوتُ، والصُّمَاتُ: السكوت، كالإصمات، والتصميت، قال: وأصمته، وصَمّته: أسكته، لازمان متعدّيان. انتهى (٤).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: قد تبيّن مما ذكر أن المناسب لما هنا التعديّ، من الإصمات، أو التصميت، وهو بنونين الأولى نون الرفع، والثانية نون الوقاية، كما قال في "الخلاصة":

وَقَبْلَ يَا النَّفْسِ مَعَ الْفِعْلِ الْتُزِمْ … نُونُ وِقَايَةٍ وَ"لَيْسِي" قَدْ نُظِمْ

ويجوز إدغام نون الرفع في نون الوقاية، كقوله تعالى: {أَتُحَاجُّونِّي} و {تَأْمُرُونِّي}.


(١) "المفهم" ٢/ ١٣٨.
(٢) "شرح النووي" ٥/ ٢٠.
(٣) "المصباح المنير" ١/ ٣٤٦ - ٣٤٧.
(٤) "القاموس المحيط" ١/ ١٥٢.