للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ) قال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أي أسرعوا في الالتفات إليّ، ونفوذ البصر فيّ، استُعير من رمي السهم. انتهى (١).

وفي رواية النسائيّ: "فحدّقني القوم بأبصارهم"، من التحديث، وهو شدّة النظر، والمراد أنهم نظروا إليه نظرةً منكرة؛ إنكارًا عليه في تشميته ذلك العاطس في الصلاة، وهو لا يجوز؛ لأنه من كلام الناس، وكلام الناس في الصلاة لا يجوز (فَقُلْتُ: وَاثُكْلَ أُمِّيَاهْ) "وا" حرف نُدبة ونداء، والنُّدبة: نداءُ الْمُتَفَجَّع عليه، نحو وازيداه، أو الْمُتَوَجَّع منه، نحو واظهراه.

و"الثكل" بضمّ الثاء المثلّثة، وسكون الكاف، وبفتحهما لغتان، كالْبُخْل، والْبَخَلِ، حكاهما الجوهريّ وغيره، وهو فقدان المرأة ولدها، يقال: ثَكِلتهُ أمه بكسر الكاف، من باب تَعِبَ: فقدته، وأثكله اللَّه تعالى أمّه، وامرأة ثَكْلَى، وثاكل، قاله النوويّ (٢).

وقال في "المصباح": ثَكِلَت المرأة ولدها ثَكَلًا، من باب تَعِبَ: فقدته، والاسم: الثُّكْلُ، وزانُ قُفْلٍ، فهي ثاكلٌ، وقد يقال: ثاكلةٌ، وثَكْلَى، والجمع: ثَوَاكل، وثَكَالَى، وجاء فيها مِثْكَالٌ أيضًا بكسر الميم: أي كثيرة الثُّكْل، ويُعَدَّى بالهمزة، فيقال: أثكلها اللَّه ولدَهَا. انتهى (٣).

و"ثُكْلَ" منادى مضاف منصوب بالفتحة الظاهرة، و"أمياه" بضمّ الهمزة، وتشديد الميم، أصله: أُمّي، وهو مضاف إليه "ثُكْلَ"، ومضاف إلى ياء المتكلّم المفتوحة، وزيدت الألف لمدّ الصوت، وأُردف بهاء السكت الساكنة الثابتة في الوقف المحذوفة في الوصل، وإلى هذأ أشار في "الخلاصة" حيث قال:

وَمُنْتَهَى الْمَنْدُوبِ صِلْهُ بِالأَلِفْ … مَتْلُوُّهَا إِنْ كَانَ مِثْلَهَا حُذِفْ

إلى أن قال:

وَوَاقِفًا زِدْ هَاءَ سَكْتٍ إِنْ تُرِدْ … وَإِنْ تَشَا فَالْمَدَّ وَالْهَا لَا تَزِدْ

فكأن معاوية -رضي اللَّه عنه- قال: وافُقْدان أُمّي ولدها -يعني نفسه- وذلك لعلمه بأنه فعل في الصلاة فعلًا منافيًا لها.


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ٣/ ١٠٦٦.
(٢) "شرح النووي" ٥/ ٢٠.
(٣) "المصباح المنير" ١/ ٨٣.