للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وعن الحسن: أن أُبي بن كعب وعبد اللَّه بن مسعود اختلفا في الصلاة في الثوب الواحد، فقال أُبيّ: لا بأس به، قد صلى النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في ثوب واحد، فالصلاة فيه جائزة، وقال ابن مسعود: إنما كان ذلك إذ كان الناس لا يجدون الثياب، وأما إذ وجدوها فالصلاة في ثوبين، فقام عمر على المنبر، فقال: القول ما قال أُبيّ، ولم يأل ابن مسعود (١).

وأخرج أبو بكر بن أبي شيبة في "مصنّفه" عن مجاهد قال: لا تُصَلِّ في ثوب واحد إلا أن لا تجد غيره، وأخرج عن ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- قال: لا يُصَلِّيَنَّ في ثوب واحد، وإن كان أوسع مما بين السماء والأرض، يصلي وهو مُضْطبع، وعن ابن عُلَيّة، عن خالد، قال: رأيت أبا قلابة وعليه جبة، ومِلْحفة غسيلة، وهو يصلي، مُضْطَبِعًا، قد أخرج يده، وعن ابن عَوْن قال: قيل للحسن: إنهم يقولون: يكره أن يصلي الرجل، وقد أخرج يده من تحت نحره، فقال الحسن: لو وكل اللَّه دينه إلى هؤلاء لضيقوا على عباده. انتهى (٢).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: الحقّ ما ذهب إليه الجمهور من جواز الصلاة في الثوب الواحد، وما نُقل عن هؤلاء مما يدلّ على أنه يصلي في ثوبين إما محمول على الاستحباب، وإلا فحديث النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- حجة عليهم، كما سبق قول ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ولو أوجب ابن مسعود في ثوبين لكانت السنّة مستغنًى بها.

لكن الصلاة في ثوبين أفضل إن تيسّر، قال ابن عبد البرّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وفي قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-. "أوَلكلّكم ثوبان؟ " دليلٌ على أن من كان معه ثوبان يتزّر بالواحد، ويلبس الآخر، إنه حسنٌ في الصلاة. انتهى (٣).

وأخرج البخاريّ في "صحيحه" عن ابن سيرين، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- قال: قام رجل إلى النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فسأله عن الصلاة في الثوب الواحد؟ فقال: "أو كلكم يجد ثوبين؟ ".

ثم سأل رجل عمر -رضي اللَّه عنه-، فقال: "إذا وَسّع اللَّه فأوسعوا، جَمَعَ رجل عليه ثيابه، صلى رجل في إزار ورداء، في إزار وقميص، في إزار وقَباء، في


(١) "مصنّف عبد الرزاق" ١/ ٣٥٦.
(٢) "مصنف ابن أبي شيبة" ١/ ٢٧٩.
(٣) "التمهيد" ٦/ ٣٧١.