للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الصلاة أربعة أقوال، بعد أن صَدَّر كلامه بأن ستر العورة فرض إسلاميّ، لا خلاف فيه بين الأمة، قال: واختلف العلماء هل هو من فروض الصلاة؟ على أربعة أقوال:

الأول أنه يجب ستر جميع الجسد، حكاه أبو الفرج.

الثاني: يكون متزرَ وسطه، كما فعل جابر -رضي اللَّه عنه-، قاله ابن القاسم، كأنه غطى العورة وحماها، وستر ما اتصل بها.

الثالث: يصلي مستور العورة خاصةً، وبه قال الشافعىّ، وأبو حنيفة، وأكثر علماء الأمصار

الرابع: أنه لا يجب ستر عورة ولا غيرها، قال بعض شيوخنا: إذا كان في بيته، ولا يراه أحد، وحكاه القاضي أبو محمد وغيره عن القاضي إسماعيل، والأبهريّ، وابن بكير، وجاء نحوه عن أشهب؛ لأنه قال: من صلى عريانأ أعاد في الوقت، قال: والصحيح وجوب ستر العورة في الصلاة، فإنها إذا وجبت خارج الصلاة تأكدت بالصلاة. انتهى.

قال الحافظ العراقيّ في "شرح الترمذيّ": وفيه نظرٌ، فإنه ذكر أن الأقوال الأربعة في أن ستر العورة من فروض الصلاة أم لا؟ ثم حَكَى القول الأول أنه يجب ستر جميع الجسد، ولا قائل فيما نعلم بأن جميع جسد الرجل عورة، فكان حقه أن يَفْرِض الخلاف فيما يجب ستره في الصلاة لا بقيد كونه عورة، على أن الذي حكاه ابن عبد البر في "الاستذكار" عن أبي الفرج وجوب ستر العورة في الصلاة، لا ستر جميع البدن. انتهى.

قال وليّ الدين: وحكى القاضي عياض عن أبي الفرج وجوب ستر جميع الجسد في الصلاة، كما حكاه ابن العربيّ. انتهى (١).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: الحقّ ما ذهب إليه الجمهور من أن ستر العورة في الصلاة واجب لا تصحّ الصلاة إلا به؛ لأحاديث الباب، وغيرها مما هو صريح في الوجوب، وأما القول بعدم الوجوب، أو بوجوب ستر جميع البدن فمن الأقوال الساقطة التي لا تستند إلى دليل، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.


(١) "طرح التثريب" ٢/ ٢٣٩ - ٢٤٠.