للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

والمستغفرين يتوب عليهم ويرحمهم، ويَقْبَل توبتهم، وإذا كان -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو معصوم، يؤمر بالاستغفار، فما الظن بغيره؟.

وقال ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-: نزلت هذه السورة بمنى في حجة الوداع، ثم نزلت {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [المائدة: ٣]، فعاش بعدهما النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ثمانين يومًا، ثم نزلت آية الكلالة، فعاش بعدها خمسين يومًا، ثم نزل {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} [التوبة: ١٢٨]، فعاش بعدها خمسة وثلاثين يومًا، ثم نزل: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} [البقرة: ٢٨١] فعاش بعدها أحدًا وعشرين يومًا، وقال مقاتل: سبعة أيام، وقيل غير هذا. انتهى كلام القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١).

وقال في "الفتح": أخرج النسائيّ من حديث ابن عباس أنها آخر سورة نزلت من القرآن، وقد تقدم في تفسير "براءة" أنها آخر سورة نزلت، والجمع بينهما أن آخرية سورة النصر نزولها كاملةً، بخلاف براءة، كما تقدم توجيهه، ويقال: إن {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ} يوم النحر، وهو بمنى، في حجة الوداع، وقيل: عاش بعدها أحدًا وثمانين يومًا، وليس منافيًا للذي قبله، بناءً على بعض الأقوال في وقت الوفاة النبوية، وعند ابن أبي حاتم من حديث ابن عباس: عاش بعدها تسع ليال، وعن مقاتل سبعًا، وعن بعضهم ثلاثًا، وقيل: ثلاث ساعات، وهو باطل.

وأخرج ابن أبي داود في "كتاب المصاحف" بإسناد صحيح عن ابن عباس أنه كان يقرأ "إذا جاء فتح اللَّه والنصر". انتهى (٢).

وقال الإمام ابن كثير في "تفسيره": "سورة {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١)} مدنية".

أخرج البخاريّ عن ابن عباس، قال: كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر، فكأن بعضهم وجد في نفسه، فقال: لِمَ يدخل هذا معنا، ولنا أبناء مثله؟ فقال عمر: إنه ممن قد عَلِمتم، فدعاهم ذات يوم، فأدخله معهم، فما رأيت أنه دعاني فيهم يومئذ إلا ليريهم، فقال: ما تقولون في قول اللَّه عزَّ وجلَّ: {إِذَا جَاءَ


(١) "تفسير القرطبيّ" ٢٠/ ٢٣٣.
(٢) "الفتح" ٨/ ٦٠٥ - ٦٠٦.