تقدم مثله في قوله:"فخَرَجَ أبو بكر"، وأوضح منه رواية موسى بن أبي عائشة المتقدّمة بلفظ:"فصلى أبو بكر تلك الأيام، ثم إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وَجَدَ من نفسه خِفّةً"، وعلى هذا لا يتعين أن تكون الصلاة المذكورة هي العشاء، قاله في "الفتح"، وهو بحثٌ مفيد، واللَّه تعالى أعلم.
(فَقَامَ يُهَادَى) -بضم أوله، وفتح الدال- مبنيًّا للمفعول: أي يمشي مُعْتَمِدًا عَلى الرجلين متمايلًا في مشيه، من شدّة الضعف، والتهادي: التمايل في المشي البطيء.
(بَيْنَ رَجُلَيْنِ) هما العبّاس وعليّ بن أبي طالب -رضي اللَّه عنهما-، وتقدّم اختلاف الروايات في ذلك، والجمع بينها عند شرح رواية موسى المذكورة.
(وَرِجْلَاهُ تَخُطَّانِ فِي الْأَرْضِ) أي تجعلان فيها خطًّا؛ لكونه -صلى اللَّه عليه وسلم- يجرّهما، ولا يعتمد عليهما؛ لعدم قدرته على تمكينهما من الأرض بسبب شدّة ضعفه، وفي رواية عند ابن حبان:"إني لأنظر إلى بطون قدميه".
(قَالَتْ: فَلَمَّا دَخَلَ) النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (الْمَسْجِدَ) النبويّ (سَمِعَ أَبُو بَكْرٍ حِسَّهُ) قال في "القاموس": "الْحَسُّ" بفتح الحاء: الْجَلَبَةُ، وبكسرها: الحركة، وأن يمرّ بك قريبًا، فتسمعه، ولا تراه، كالْحَسِيس. انتهى باختصار (١).
والظاهر أن الرواية هنا بالكسر، فيكون المعنى: أنه سمع حركته -صلى اللَّه عليه وسلم-، واللَّه تعالى أعلم.
(فَذَهَبَ) عطف على "سمع"، وفي بعض النسخ:"ذَهَبَ" بحذف العاطف، وعليه فيكون جملة مستأنفة استئنافًا بيانيًّا، وهو ما وقع جوابًا عن سؤال مقدّر، كأنه قيل لها: فماذا فعل أبو بكر -رضي اللَّه عنه- حين سمع حسّه؟ فأجابت بقولها: ذَهَبَ (يَتَأَخَّرُ) أي إلى الصفّ؛ ليكون مأمومًا بعد أن كان إمامًا (فَأَوْمَأَ) أي أشار إِلَيْهِ (رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "قُمْ) وفي نسخة: "أقم" بهمزة القطع، من الإقامة (مَكَانَكَ") منصوب على الظرفية، أي اثبُت في مكانك الذي أنت فيه، وفي رواية البخاريّ:"أن مكانك"، وفي رواية عاصم المذكورة:"أن اثْبُتْ مكانك"، وكلمة "أن" بفتح الهمزة، وسكون النون، و"مكانك" منصوب على