للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

صواحب يوسف، وَجَدَت حفصة في نفسها من ذلك؛ لكون عائشة هي التي أمرتها بذلك، ولعلها تذكرت ما وقع لها معها أيضًا في قصة المغافير، كما سيأتي في موضعه. انتهى (١).

(مُرُوا أَبَا بَكْرٍ، فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ") وفي رواية الكشميهنيّ للبخاريّ: "للناس" باللام (قَالَتْ) عائشة -رضي اللَّه عنها-: (فَأَمَرُوا أَبا بَكْرٍ) أي بلّغوه أمره -صلى اللَّه عليه وسلم-، والمبلّغ هو رسول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو بلالٌ -رضي اللَّه عنه-، وإنما جمع الضمير؛ لأن الحاضرين موافقون له في ذلك، وقوله: (يُصَلِّي بِالنَّاسِ) بتقدير حرف مصدريّ، أي أن يصليّ، وهو في تأويل المصدر مجرور بحرف جرّ محذوف، والتقدير: فأمروا أبا بكر بالصلاة بالناس.

وفي رواية البخاريّ: "فخرج أبو بكر، فصلّى"، قال في "الفتح": فيه حذفٌ دَلَّ عليه سياق الكلام، وقد بيّنه في رواية موسى بن أبي عائشة المتقدّمة، ولفظه: "فأتاه الرسول" أي بلال؛ لأنه هو الذي أَعْلَم بحضور الصلاة، فأجيب بذلك، وفي روايته أيضًا: فقال له: "إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يأمرك أن تصلي بالناس، فقال أبو بكر وكان رجلًا رقيقًا: يا عمر صلِّ بالناس، فقال له عمر: أنت أحقّ بذلك". انتهى.

وقولُ أبي بكر هذا لم يُرِد به ما أرادت عائشة، قال النوويّ: تأوله بعضهم على أنه قاله تواضعًا، وليس كذلك، بل قاله للعذر المذكور، وهو كونه رقيقَ القلب، كثيرَ البكاء، فخشي أن لا يُسْمِع الناس. انتهى. وقد تقدّم تمام البحث في هذا عند شرح رواية موسى بن أبي عائشة المذكورة.

(قَالَتْ) عائشة: (فَلَمَّا دَخَلَ) أبو بكر (فِي الصَّلَاةِ) هذا ظاهر في كونه شرع في الصلاة، ولا داعي للاحتمال الذي ذكره في "الفتح" بأنه محتمل لأن يكون المراد دخل في مكان الصلاة، فإنه احتمال بعيد، فتأمله، واللَّه تعالى وليّ التوفيق.

(وَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنْ نَفْسِهِ خِفَّةً) ظاهره أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- وجد ذلك في تلك الصلاة بعينها، ويَحْتَمِل أن يكون ذلك بعد ذلك، وأن يكون فيه حذفٌ، كما


(١) "الفتح" ٢/ ١٨٠.