للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ووقع في مرسل الحسن، عند ابن أبي خيثمة: أن أبا بكر أمر عائشة أن تُكَلِّم النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يصرف ذلك عنه، فأرادت التوصل إلى ذلك بكل طريق، فلم يَتِمّ.

ووقع في أمالي ابن عبد السلام: أن النسوة أَتَيْنَ امرأة العزيز يُظهِرن تعنيفها، ومقصودهنّ في الباطن أن يدعون يوسف إلى أنفسهن، كذا قال، وليس في سياق الآية ما يساعد ما قال. انتهى (١).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: عندي أن ما قاله ابن عبد السلام هو الصواب؛ لأنه الذي يدلّ عليه سياق الآية؛ إذ قوله تعالى حكاية عن يوسف -عَلَيْهِ السَّلَامُ-: {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [يوسف: ٣٣]، ثم قال تعالى: {فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ} الآية [يوسف: ٣٤]، وقال أيضًا: {قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ} الآية [يوسف: ٥١]، ظاهرٌ في كونهنّ راودنه كما راودته امرأة العزيز، فقول الحافظ: وليس في سياق الآية ما يساعد ما قال غريبٌ جدًّا.

والحاصل أن سياق الآيات المذكورة واضح في الدلالة على ما ذُكر، فقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنكنّ صواحب يوسف" بالجمع على ظاهره، وذلك أنه أراد عائشة وحفصة، وقد سبق أن الأرجح أن أقلّ الجمع اثنان، كما هو مذهب الإمام مالك -رَحِمَهُ اللَّهُ-، وأما في قصّة يوسف -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، فالجمع واضح؛ إذ المراد امرأة العزيز، والنسوة اللاتي قطّعن أيديهنّ، فتبصّر بالإنصاف، ولا تكن أسير التقليد، واللَّه تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

[فائدة]: قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: زاد حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم في هذا الحديث: أن أبا بكر هو الذي أمر عائشة أن تشير على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بأن يأمر عمر بالصلاة، أخرجه الدَّوْرَقيّ في "مسنده"، وزاد مالك في روايته: فقالت حفصة لعائشة: ما كنت لأصيب منك خيرًا، ومثله للإسماعيليّ، وإنما قالت حفصة ذلك؛ لأن كلامها صادف المرة الثالثة من المعاودة، وكان النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يراجع بعد ثلاث، فلما أشار إلى الإنكار عليها بما ذُكِر من كونهنّ


(١) "الفتح" ٢/ ١٧٩ - ١٨٠.