للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بعد خُنَيس بن حُذَافة سنة ثلاث من الهجرة، وماتت سنة (٤٥) وستأتي ترجمتها مستوفاةً في "كتاب صلاة المسافرين" برقم (٧٢٣) (١). (قُولِي لَهُ) -صلى اللَّه عليه وسلم-: (إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ، وَإِنَّهُ مَتَى يَقُمْ مَقَامَكَ، لَا يُسْمِعِ النَّاسَ، فَلَوْ أَمَرْتَ عُمَرَ، فَقَالَتْ) حفصة -رضي اللَّه عنها- ذلك (لَهُ) -صلى اللَّه عليه وسلم- (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّكُنَّ لَأَنْتُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ) وفي رواية مالك، عن هشام بن عروة: فقال: "مَهْ، إنكنّ لأنتن صواحب يوسف"، أي في التظاهر على ما تُردن، وكثرة إلحاحكنّ في طلب ما تردنه، وتَمِلن إليه، وفيه جواز تشبيه أحد الشيئين بآخر في وصف مشهور بين الناس.

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "لأنتنّ صواحب يوسف": يعني في تردادهنّ، وتظاهرهنّ بالإغواء والإلحاح، حتى يَصِلْنَ إلى أغراضهنّ، كتظاهر امرأة العزيز ونسائها على يوسف -عَلَيْهِ السَّلَامُ-؛ ليصرفنه عن رأيه في الاستعصام، و"صواحبات": جمع صواحب، وهو جمع شاذّ. انتهى (٢).

وقال في "الفتح": "صواحب": جمع صاحبة، والمراد أنهن مثل صواحب يوسف في إظهار خلاف ما في الباطن، ثم إن هذا الخطاب، وإن كان بلفظ الجمع، فالمراد به واحد، وهي عائشة فقط، كما أن صواحب صيغة جمع، والمراد زَلِيخَا فقط، ووجه المشابهة بينهما في ذلك أن زَلِيخا استَدْعَت النسوة، وأظهرت لهنّ الإكرام بالضيافة، ومرادها زيادةً على ذلك، هو أن ينظرن إلى حسن يوسف -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، ويعذرنها في محبته، وأنّ عائشة أظهرت أن سبب إرادتها صرفَ الإمامة عن أبيها كونه لا يسمع المأمومين القراءة لبكائه، ومرادها زيادةً على ذلك، هو أن لا يتشاءم الناس به، وقد صَرَّحت هي بذلك، فقالت: "لقد راجحت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في ذلك، وما حملني على كثرة مراجعته، إلا أنه لم يقع في قلبي أن يُحِبّ الناس بعده رجلًا قام مقامه أبدًا. . . " الحديث، قد سبق قبل حديث.

قال الحافظ: وبهذا التقرير يندفع إشكال مَن قال: إن صواحب يوسف لم يقع منهنّ إظهار يخالف ما في الباطن.


(١) هذا الرقم للأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي، فتنبّه.
(٢) "المفهم" ٢/ ٥١ - ٥٢.