للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

المرجئة: إنّ مُظهِر الشهادتين يدخل الجنة، وإن لم يعتقد ذلك بقلبه، وقد قُيِّد ذلك في حديث آخر بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "غير شاكّ فيهما"، وهذا يؤكد ما قلناه.

قال القاضي: وقد يَحتَجّ به أيضًا من يَرَى أن مجرد معرفة القلب نافعة، دون النطق بالشهادتين؛ لاقتصاره على العلم، ومذهب أهل السنة أن المعرفة مرتبطة بالشهادتين، لا تنفع إحداهما، ولا تُنجي من النار دون الأُخرى، إلا لمن لم يقدر على الشهادتين؛ لآفة بلسانه، أو لم تُمْهِله لمدة ليقولها، بل اخترمته المنية، ولا حجة لمخالف الجماعة بهذا اللفظ؛ إذ قد وَرَدَ مُفَسَّرًا في الحديث الآخر: "من قال: لا إله إلا الله"، و"من شَهِد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله"، وزاد في الحديث الآخر: "مستيقنًا بها قلبه"، وفي الآخر: "صادقًا من قلبه"، وفي الآخر: "غير شاكّ فيهما".

وقد جاء هذا الحديث، وأمثلة له كثيرة، في ألفاظها اختلافٌ، ولمعانيها عند أهل التحقيق ائتلافٌ، وللناس فيها خبط كثيرٌ، وعن السلف خلاف مأثورٌ.

فجاء هذا اللفظ في هذا الحديث، وفي رواية معاذ - رضي الله عنه - عنه - صلى الله عليه وسلم -: "من كان آخر كلامه لا إله إلا الله، دخل الجنة" (١)، وفي رواية عنه قال - صلى الله عليه وسلم -: "من لَقِيَ الله لا يشرك به شيئًا، دخل الجنة"، وعنه - صلى الله عليه وسلم -: "ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، إلا حرمه الله على النار"، وكلها أحاديث صحيحة.

ونحوه في حديث عبادة بن الصامت، وعِتبان بن مالك، وزاد في حديث عبادة: "على ما كان من عَمَل"، وفي حديث أبي هريرة: "لا يلقى الله تعالى بهما عبدٌ غير شاكّ فيهما إلا دخل الجنة"، وفي حديث آخر: "فيُحجب عن الجنّة".

وفي حديث أبي ذرّ، وأبي الدرداء - رضي الله عنهما -: "ما من عبد قال: لا إله إلا الله، ثم مات على ذلك، إلا دخل الجنّة، وإن زنى، وإن سرق".

وفي حديث أنس - رضي الله عنه - "حَرَّم الله على النار من قال: لا إله إلا الله،


(١) أخرجه أبو داود (٣١١٦)، وصححه الحاكم في "المستدرك ١/ ٥٠٠، ووافقه الذهبيّ.