للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

روى (١) عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَمْرَهُ الذين صَلَّوْا خلفه قيامًا بالقعود أبو هريرة، وجابر، ثم استعملوا ذلك بعد وفاته، وجب كذلك على هذا القائل أن يقول: أبو هريرة وجابر أعلم بتأويل حديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وبناسخه ومنسوخه ممن بعدهما.

ولو لم تختلف الأخبار في أمر أبي بكر في موضع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يجز الانتقال عما سنّه النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لهم، وأمرهم بالقعود إذا صلَّى إمامهم قاعدًا؛ لأن الذي افتتح بهم الصلاة أبو بكر، فوجب عليهم القيام؛ لقيام أبي بكر بهم مما لم يحدث بإمامهم الذي عقد بهم الصلاة بأنها علّة (٢)، فوجب الجلوس، فعليهم أن يفعلوا كفعل إمامهم، وإن تقدّم إمام غير الإمام الذي عقدوا الصلاة معه، فصلّى جالسًا، فليس عليهم الجلوس ما دام الإمام الذي عقدوا معه الصلاة قائمًا، فإذا كانت الحال هكذا في حدوث إمام بعد إمام استُعمل ما جاءت به الأخبار في مرض النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- الذي مات فيه، وإذا كان مثل الحال الذي صلّى بهم النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في منزله، وافتَتَح بهم الصلاةَ قاعدًا، فعليهم القعود بقعوده.

فتكون كلُّ سنّة من هاتين السنّتين مستقلّة في موضعها، ولا يبطل كلُّ واحدة للأخرى؛ أن معنى (٣) كلّ سنة غير معنى الأخرى.

وقد تأوّل هذا المعنى بعينه أحمد بن حنبل، وكان أولى الناس بأن يقول هذا القول مَنْ مذهبه استعمال الأخبار كلّها إذا وَجَد إلى استعمالها سبيلًا، كاختلاف صفة صلاة الخوف على اختلاف الأحوال فيها، هذا لو كانت الأحوال لا تختلف في صلاة النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في مرضه الذي مات فيه.

وقالت طائفة: إن صلّى الإمام قاعدًا صلّى المأمومون قيامًا إذا أطاقوا، وصلّى كلُّ واحد فرضه، هذا قول الشافعيّ، قال: أمرُ النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في حديث


(١) هكذا نسخة "الأوسط" ولعله: "فيمن روى".
(٢) هكذا النسخة، والظاهر أن الصواب: "ما لم يحدُث بإمامهم الذي عقد بهم الصلاة علّة. . . إلخ"، فتأمل، واللَّه تعالى أعلم.
(٣) كذا النسخة، وهو بتقدير لام التعليل؛ أي لأن معنى. . . إلخ.