للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وأول من أبطل ذلك في الأمة المغيرة بن مِقْسَم، وأخذ عنه حماد بن أبي سليمان، ثم أخذه عن حماد أبو حنيفة، ثم عنه أصحابه، وأعلى حديث احتجُّوا به حديثٌ رواه جابر الجعفيّ، عن الشعبيّ، قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يَؤُمَّنّ أحد بعدي جالسًا"، وهذا لو صح إسناده لكان مرسلًا، والمرسل عندنا وما لم يُرْوَ سِيّان؛ لأنا لو قبلنا إرسال تابعيّ، وإن كان ثقة للزمنا قبول مثله عن أتباع التابعين، وإذا قبلنا لزمنا قبوله من أتباع أتباع التابعين، ويؤدي ذلك إلى أن يُقْبَل من كل أحد إذا قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وفي هذا نقض الشريعة.

والعجب أن أبا حنيفةَ يَجْرَح جابرًا الجعفيّ ويُكَذِّبه، ثم لما أخطره الأمر جعل يحتج بحديثه، وذلك كما أخبرنا به الحسين بن عبد اللَّه بن يزيد القطان بالرَّقَّة، ثنا أحمد بن أبي الحوَارِيّ، سمعت أبا يحيى الْحِمّانيّ، سمعت أبا حنيفة يقول: ما رأيت فيمن لقيت أفضل من عطاء، ولا لقيت فيمن لقيت أكذب من جابر الجعفيّ، ما أتيته بشيء من رأيي قط إلا جاءني فيه بحديث. وقد ذكرنا ترجمة جابر الجعفيّ في "كتاب الضعفاء". انتهى كلام ابن حبّان -رَحِمَهُ اللَّهُ- باختصار (١).

وحديث جابر الجعفيّ هذا أخرجه الدارقطنيّ، ثم البيهقيّ في "سننهما" عن جابر الجعفيّ، عن الشعبيّ قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يؤمنّ أحد بعدي جالسًا"، قال الدارقطنيّ: لم يروه عن الشعبيّ غير جابر الجعفيّ، وهو متروك، والحديث مرسل لا تقوم به حجة. انتهى.

وقال عبد الحق في "أحكامه": ورواه عن الجعفيّ مُجالدٌ، وهو أيضًا ضعيف. انتهى.

وقال البيهقيّ في "المعرفة": الحديث مرسل لا تقوم به حجةٌ، وفيه جابر الجعفيّ، وهو متروك في روايته، مذموم في رأيه، ثم قد اختُلِف عليه فيه، فرواه ابن عيينة عنه كما تقدم، ورواه ابن طهمان عنه، عن الحكم، قال: كتب عمر: "لا يؤمنّ أحد جالسًا بعد النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-"، وهذا مرسل موقوفٌ.

ثم أسند عن الشافعيّ، ثنا عبد الوهاب الثقفيّ، عن يحيى بن سعيد، عن


(١) راجع: "الإحسان في تقريب صحيح ابن حبّان" ٥/ ٤٧١ - ٤٧٥.