للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

لا. . . الحديث، إلى أن قال: فخرج بين بَرِيرة ونُوبة (١)، فأجلسناه إلى جنب أبي بكر، فكان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يصلّي وهو جالس، وأبو بكر قائم، يصلّي بصلاة رسول اللَّه، والناس يصلّون بصلاة أبي بكر.

ثم قال: وقد خالف نعيم بن أبي هند في هذا الخبر عاصم بن أبي النجود، ثم أخرج عن نعيم بن أبي هند، عن أبي وائل، عن مسروق، عن عائشة، قالت: صلّى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في مرضه الذي مات فيه خلف أبي بكر قاعدًا، قال: وعاصم بن أبي النجود، ونعيم بن أبي هند حافظان ثقتان.

قال: وأقول -وباللَّه التوفيق-: إن هذه الأخبار كلها صحيحة، ليس فيها تعارض، فإن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- صلّى في مرضه الذي مات فيه صلاتين في المسجد، في إحداهما كان إمامًا، وفي الأخرى كان مأمومًا، قال: والدليل على ذلك أن في خبر عبيد اللَّه بن عبد اللَّه، عن عائشة، أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- خرج بين رجلين: العباس وعليّ، وفي خبر مسروق عنها أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- خرج بين بَرِيرة ونُوبة، فهذا يدلّ على أنها كانت صلاتين لا صلاةً واحدة. انتهى (٢).

وفي كلام البخاريّ ما يقتضي الميل إلى أن حديث: "إذا صلّى جالسًا فصلّوا جلوسًا" منسوخ، فإنه قال -بعد أن رواه-: قال الحميديّ: هذا حديث منسوخٌ؛ لأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- آخر ما صلّى صلّى قاعدًا، والناس خلفه قيامٌ، وإنما يؤخذ بالآخر فالآخر من فعله -صلى اللَّه عليه وسلم-. انتهى. ذكره في عدة مواضع من كتابه.

وابن حبان لم ير النسخَ، فإنه قال بعد أن رواه في "صحيحه": وفي هذا الخبر بيان واضح أن الإمام إذا صلّى قاعدًا كان على المأمومين أن يصلّوا قعودًا، وأفتى به من الصحابة: جابر بن عبد اللَّه، وأبو هريرة، وأُسيد بن حُضير، وقيس بن قَهْد، ولم يُرْوَ عن غيرهم من الصحابة خلاف هذا بإسناد متصل ولا منقطع، فكان إجماعًا، والإجماع عندنا إجماع الصحابة، وقد أفتى به من التابعين: جابر بن زيد، ولم يُرْوَ عن غيره من التابعين خلافه بإسناد صحيح ولا واهٍ، فكان إجماعًا من التابعين أيضًا.


(١) بضم النون وبالموحّدة، هو نوبة الأسود مولى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.
(٢) راجع: "الإحسان في تقريب صحيح ابن حبّان" ٥/ ٤٦٠ - ٤٨٨.