انتهى (١)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في البحث المتعلّق بقوله: "وإذا صلّى قاعدًا، فصلّوا قُعُودًا":
(اعلم): أنه قد لخّص الحافظ الزيلعيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "نصب الراية" اختلاف الروايات في هذا، فقال:
حديث:"إذا صلّى جالسًا فصلُّوا جلوسًا"، أخرجه البخاريّ، ومسلم، وباقي الستة عن الزهريّ، عن أنس -رضي اللَّه عنه-، قال: سقط رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن فرس، فَجُحِش شقه الأيمن، فدخلنا عليه نعوده، فحضرت الصلاة، فصلّى بنا قاعدًا، فصلينا وراءه قعودًا، فلما قضى الصلاة قال:"إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبّر فكبروا -إلى أن قال-: وإذا صلّى قاعدًا، فصلوا قعودًا".
وأخرجا من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- نحوه، أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال:"إنما جُعِل الإمام ليؤتم به. . . " الحديث، ليس فيه قصة الفرس.
وأخرجا عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة -رضي اللَّه عنها- قالت: اشتكى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فدخل عليه ناس من أصحابه يعودونه، فصلّى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- جالسًا، فصلَّوا بصلاته قيامًا، فأشار إليهم أن اجلسوا فجلسوا، فلما انصرف قال:"إنما جُعِل الإمام ليؤتم به، فإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا صلّى جالسًا فصلّوا جلوسًا". انتهى.
وأخرج مسلم عن أبي الزبير، عن جابر -رضي اللَّه عنه- نحوه سواءً.
وقد أخرج البخاريّ في "صحيحه" حديث أنس المذكور من رواية حميد الطويل عنه، مخالفًا لرواية الزهريّ عنه، ولفظه: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سقط عن فرسه، فجُحِشت ساقه، أو كتفه، وآلى من نسائه شهرًا، فجلس في مَشْرُبة له، فأتاه أصحابه يعودونه، فصلّى بهم جالسًا، وهم قيامٌ، فلما سَلَّم قال:"إنما جُعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبّر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا سجد فاسجدوا، وإن صلّى قائمًا فصلّوا قيامًا"، ونزل لتسع وعشرين، فقالوا: يا رسول اللَّه، إنك آليت شهرًا، فقال:"إن الشهر تسع وعشرون". انتهى. ذكره