للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

حمده، فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى قاعدًا فصلُّوا قعودًا أجمعون" (١).

قال ابن الْمُنَيِّر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "فإذا ركع فاركعوا"، مقتضاه أن ركوع المأموم يكون بعد ركوع الإمام، إما بعد تمام انحنائه، وإما أن يسبقه الإمام بأوله، فيشرع فيه بعد أن يشرع. انتهى.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: الاحتمال الأول هو الصواب، يدلّ عليه حديث البراء -رضي اللَّه عنه- الآتي، ولفظه: "كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا قال: سمع اللَّه لمن حمده، لم يَحْنِ أحدٌ منّا ظهره حتى يقع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ساجدًا ثم نقع سجودًا بعده"، متّفقٌ عليه، وفي رواية للبخاريّ: قال: "كنا نصلي خلف النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فإذا قال: سمع اللَّه لمن حمده لم يَحْن أحدٌ منّا ظهره حتى يضع النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- جبهته على الأرض".

فهذا ظاهر في أنهم ما كانوا يتابعونه في الركن إلا بعد تمام دخوله -صلى اللَّه عليه وسلم- فيه.

(وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا) يتناول الرفع من الركوع، والرفع من السجود، قاله في "الفتح" (٢).

(وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ) قال في "الفتح": كذا لجميع الرُّواة في حديث عائشة بإثبات الواو، وكذا لهم في حديث أبي هريرة، وأنس، إلا في رواية الليث، عن الزهريّ -أي عند البخاريّ- فللكشميهنيّ بحذف الواو.

ورُجِّح إثبات الواو بأن فيها معنى زائدًا؛ لكونها عاطفةً على محذوف، تقديره: ربنا استجب، أو ربنا أطعناك، ولك الحمد، فيشتمل على الدعاء والثناء معًا.

ورجّح قوم حذفها؛ لأن الأصل عدم التقدير، فتكون عاطفة على كلام غير تامّ، والأول أوجه، كما قال ابن دقيق العيد -رَحِمَهُ اللَّهُ-.


(١) راجع: "مسند أبي عوانة" ١/ ٤٣٥ رقم (١٦١٥)، و"مستخرج أبي عوانة" ٢/ ٣٤ - ٣٥ رقم (٩١٣).
(٢) ٢/ ٢١٠.