الإمام إلا على القول بتقدم الشرط على الجزاء، وقد قال قوم: إن الجزاء يكون مع الشرط، فعلى هذا لا تنتفي المقارنة، لكن رواية أبي داود هذه صريحة في انتفاء التقدم والمقارنة، قاله في "الفتح".
قال الجامع عفا اللَّه عنه: هذا الذي ذكره في "الفتح" من أن رواية أبي داود بلفظ: "ولا تكبّروا حتى يكبّر، ولا تركعوا حتى يركع، ولا تسجدوا حتى يسجد" نصّ صريح في منع المقارنة للإمام، فبالأحرى التقدّم، فلا متمسّك لمن قال باستحباب مقارنة الإمام في الركوع والسجود محتجّين بأن الفاء ليست للتعقيب.
ثم إن المراد بالتعقيب هنا هو الترتيب بدون مهلة، فما قاله الأولون من إفادة الفاء له هو الصواب، وأما الاعتراض بأن الفاء لا تفيد الترتيب إلا إذا كانت للعطف، فغير صحيح، فقد نقل محمد الأمير في "حاشيته" على "مغني اللبيب" لابن هشام الأنصاريّ (١/ ١٣٩) عن المحقّق الرضيّ أن الفاء تفيد الترتيب مطلقًا، سواء كانت حرف عطف أو لا. انتهى.
والحاصل أن أفعال المأموم يجب أن تكون بعد أفعال الإمام، وذلك بأن يقع كلّ فعل من أفعاله عقب كلّ فعل من أفعاله، كأن يركع بعد تمام انحناء الإمام، ويسجد بعد تمام وضع جبهته على الأرض، وهكذا بلا تراخ، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم.
(وَإِذَا سَجَدَ) أي أخذ وشرع في السجود (فَاسْجُدُوا) أي فلا تسجدوا حتى يتحقّق سجوده، كما بيّنته رواية أبي داود المذكورة:"ولا تسجدوا حتى يسجد"، وهو يتناول جميع السجدات، وقال في "الفتح" بعد ذكر هذه الزيادة من عند أبي داود ما نصّه: وهي زيادةٌ حسنةٌ، تنفي احتمال إرادة المقارنة من قوله:"إذا كبر فكبروا". انتهى. وهو تحقيقٌ حسنٌ، واللَّه تعالى أعلم.
[تنبيه]: ليس في رواية المصنّف هذه ذكر الركوع، وقد ساقه بتمامه أبو عوانة، وأبو نعيم في "مستخرجيهما"، ولفظهما: سقط النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- من فرس، فَجُحِش شقه الأيمن، فدخلنا نعوده، فحضرت الصلاة، فصلى بنا قاعدًا، وصلينا خلفه قعودًا، فلما قضى صلاته قال: "إنما جُعِل الإمام ليؤتم به، فماذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا قال: سمع اللَّه لمن