للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: كذا وقع هنا "ولك الحمد" بالواو، وفي روايات بحذفها، وقد سبق أنه يجوز الأمران. انتهى (١).

وقد تقدّم الكلام على زيادة "اللهم" قبلها، في شرح حديث أبي موسى الأشعريّ -رضي اللَّه عنه- برقم (٩٠٩)، فراجعه تستفد، وباللَّه تعالى التوفيق.

ونَقَل عياض عن القاضي عبد الوهاب أنه استَدَلَّ به على أن الإمام يقتصر على قوله: "سمع اللَّه لمن حمده"، وأن المأموم يقتصر على قوله: "ربنا ولك الحمد"، وليس في السياق ما يقتضي المنع من ذلك؛ لأن السكوت عن الشيء لا يقتضي ترك فعله، نعم مقتضاه أن المأموم يقول: "ربنا لك الحمد"، عَقِب قول الإمام: "سمع اللَّه لمن حمده"، فأما منع الإمام من قول: "ربنا ولك الحمد"، فليس بشيء؛ لأنه ثبت أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يجمع بينهما. انتهى (٢).

(وَإِذَا صَلَّى) الإمام حال كونه (قَاعِدًا) لمرض منعه من القيام (فَصَلُّوْا قُعُودًا) بالضمّ: جمع قاعد، حال من الفاعل.

وفي رواية البخاريّ: "وإذا صلَّى جالسًا، فصلُّوا جُلُوسًا"، قال في "الفتح": استُدِلّ به على صحة إمامة الجالس، وادَّعَى بعضهم أن المراد بالأمر أن يقتدي به في جلوسه في التشهد وبين السجدتين؛ لأنه ذكر ذلك عقب ذكر الركوع، والرفع منه، والسجود، قال: فيُحْمَل على أنه لَمّا جلس للتشهد قاموا تعظيمًا له، فأمرهم بالجلوس تواضعًا، وقد نَبَّهَ على ذلك بقوله في حديث جابر: "إن كِدتم أن تفعلوا فعل فارس والروم، يقومون على ملوكهم، وهم قُعُود، فلا تفعلوا".

وتعقبه ابن دقيق العيد وغيره بالاستبعاد، وبأن سياق طُرُق الحديث تأباه، وبأنه لو كان المراد الأمر بالجلوس في الركن، لقال: وإذا جلس فاجلسوا؛ ليناسب قولَهُ: و"إذا سجد فاسجدوا"، فلما عَدَل عن ذلك إلى قوله: "وإذا صلّى جالسًا"، كان كقوله: "وإذا صلَّى قائمًا"، فالمراد بذلك جميع الصلاة، ويؤيد ذلك قول أنس -رضي اللَّه عنه-: "فصَلَّينا وراءه قعودًا". انتهى (٣)، وهو تعقّب جيّدٌ، واللَّه تعالى أعلم.


(١) "شرح النوويّ" ٤/ ١٣٢.
(٢) "الفتح" ٢/ ٢١٠ - ٢١١.
(٣) "الفتح" ٢/ ٢١١ - ٢١٢.