للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

(حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ) كذا للجمهور بالظاء المشالة المفتوحة، يقال: ظلّ الرجل يفعل كذا يَظَلّ، من باب تَعِبَ ظُلُولًا: إذا فعله نَهارًا، قال الخليل: لا تقول العرب: ظلّ، إلا لعمل يكون بالنهار، قاله الفيّوميّ (١).

ومعنى "يَظَلّ" في الأصل اتِّصاف الْمُخْبَر عنه بالخبر نهارًا، لكنها هنا بمعنى يصير، كما في قوله تعالى: {ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا} [النحل: ٥٨]، وقيل: بمعنى يبقى، ويدوم.

ووقع عند الأصيلي في "صحيح البخاري": "يَضِلّ" بكسر الضاد المعجمة، من باب ضرب، من الضلال؛ أي يَنْسَى، ومنه قوله: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا} [البقرة: ٢٨٢]، أو بفتحها، من باب تَعِبَ: أي يُخطئ، ومنه قوله: {لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى} [طه: ٥٢]، والمشهور الأول، أفاده في "الفتح" (٢).

وقال العراقيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "شرح التقريب": المشهور في الرواية: "حتى يَظلّ الرجل إن يدري كم صلَّى؟ "، بفتح الظاء من "يَظَلّ"، وكسر "إن"، فـ "يَظَلّ" إحدى نواسخ الابتداء، ترفع الاسم، وتنصب الخبر.

ومعناها في الأصل اتصاف الْمُخْبَر عنه بالخبر نهارًا، وهي هنا بمعنى يصير، كما في قوله تعالى: {ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا} الآية [النحل: ٥٨]، وقيل: بمعنى يبقى ويدوم، و"إِنْ" نافيةٌ، ويدلّ على ذلك قوله في رواية البخاريّ: "لا يَدْرِي"، وفي رواية مسلم: "ما يدري"، والثلاثة حروف نفي.

وقال ابن عبد البرّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الرواية في "أَنْ" ههنا عند أكثرهم بالفتح، فيكون حينئذ بمعنى لا يدري، وكذلك رواه جماعة عن مالك بهذا اللفظ: "حتى يظل الرجل إن يدري كم صلى؟ "، بكسر الهمزة، فمعناه: ما يدري كم صلى؟، و"إن" بمعنى "ما" كثير، وقيل. يظلّ ها هنا بمعنى يبقى لا يدري كم صلّى؟، وأنشدوا [من الطويل]:

ظَلِلْتُ رِدَائِي فَوْقَ رَأْسِيَ قَاعِدَا … أَعُدُّ الْحَصَى مَا تَنْقَضِي عَبَرَاتِي

انتهى (٣).


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٣٨٦.
(٢) ٢/ ١٠٣.
(٣) "الاستذكار" ٤/ ٥٣.