لطائفة رآهم: أين يريد المرءون؟ قال في "الصحاح": وبعضهم يقول: هذه مرأة صالحةٌ، ومَرَةٌ أيضًا بترك الهمز، وتحريك الراء بحركتها، وهذه امرَأة مفتوحة الراء على كل حال. انتهى (١).
(يَقُولُ لَهُ: اذْكُرْ كَذَا، وَاذْكُرْ كَذَا) هكذا الرواية هنا بالعطف مكرّرًا، وكذا في رواية للبخاريّ، ووقع في رواية له:"اذكر كذا، اذكر كذا" بدون عطف، وسيأتي للمصنّف في "أبواب السهو" من طريق عبد ربّه بن سعيد، عن الأعرج زيادة:"فَهَنّاه، ومنّاه، وذكّره من حاجته ما لم يذكر"(لِمَا) بكسر اللام، و"ما" موصولة، والجارّ والمجرور متعلّق بـ "اذكُر" على سبيل التنازع، وقوله:(لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ) صلة "ما"، و"يذكُر" مبنيّ للفاعل، أي للأمر الذي نسيه المصلّي (مِنْ قَبْلُ) بالبناء على الضم؛ لقطعه عن الإضافة، ونيّة معناها؛ أي من قبل دخوله في الصلاة.
قال في "الفتح": ومن ثَمّ استنبط أبو حنيفة -رَحِمَهُ اللَّهُ- للذي شكا إليه أنه دَفَنَ مالًا، ثم لم يَهتد لمكانه أن يُصلّي، ويَحرص أن لا يُحدّث نفسه بشيء من أمر الدنيا، ففعل، فذكر مكان المال في الحال.
قيل: خَصَّه بما يَعْلَم دون ما لا يَعْلَم؛ لأنه يميل لما يَعْلَم أكثر؛ لتحقق وجوده، والذي يظهر أنه لأعمّ من ذلك، فيُذَكِّرُهُ بما سَبَق له به عِلْمٌ؛ ليشتغل باله به، وبما لم يكن سبق له؛ ليوقعه في الفِكْرة فيه، وهذا أعمّ من أن يكون في أمور الدنيا، أو في أمور الدين؛ كالعلم، لكن هل يَشْمَل ذلك التفكر في معاني الآيات التي يتلوها؟ لا يبعد ذلك؛ لأن غرضه نقص خشوعه، وإخلاصه بأيّ وجهٍ كان. انتهى.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: هكذا جعل في "الفتح" التفكّر في معاني الآيات التي يقرؤها، ونحو ذلك من هذا القسم الذي هو من وسوسة الشيطان، وفيه نظر لا يخفى، فكيف يُعدّ هذا منه، وهو من روح الصلاة، ومن مقصدها الأعظم؟ لأن ذلك هو الذي يَحمله على الخشوع والخضوع والإخلاص، فتبصّر بالإنصاف، ولا تكن من الغافلين، واللَّه تعالى أعلم.
(١) "طرح التثريب" ٢/ ١٩٨ - ١٩٩، وقد أطال البحث في هذا في "لسان العرب"، فراجعه في مادّة "مرئ".