للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ابن عكيم؛ وأما محاولة الشيخ الألبانيّ رحمه الله في تصحيحه بأن مشايخه من الصحابة (١)، ففيه نظر لا يخفى، فمن أين ثبت له التصريح بكونهم من الصحابة؟ هيهات.

والحاصل أن الراجح ضعفه، وعلى تقدير صحّته، فيُوفّق بينه وبينها بحمله على غير المدبوغ، كما قال كثير من أهل اللغة: إن الإهاب لا يطلق إلا على غير المدبوغ.

ثم رأيت الحافظ أبا بكر الحازميّ رحمه الله قد أجاد الكلام في حديث عبد الله بن عُكيم هذا، في كتابه "الاعتبار"، حيث قال:

حديث ابن عُكيم هذا حسنٌ على شرط أبي داود والنسائيّ، أخرجاه في كتابيهما من عدّة طرُق، وقد روي عن الحكم من غير وجه، وفيها اختلاف ألفاظ. قال: ومن ذهب إلى هذا الحديث قال: المصير إلى هذا الحديث أولى؛ لأن فيه دلالة النسخ، ألا ترى حديث سلمة بن المحبّق يدلّ على أن الرخصة كانت يوم تبوك، وهذا قبل موته بشهر، فهو بعد الأول بمدّة؟ ولأن في حديث سودة: "حتى تخرّقت"، وفي رواية أخرى: كنّا ننبذ فيه حتى صار شنًّا.

ثم قال الحازميّ: ولو اشتهر حديث ابن عكيم بلا مقال فيه، كحديث ابن عباس في الرخصة لكان حديثًا أولى أن يؤخذ به، ولكن في إسناده اختلافٌ، رواه الحكم مرّة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن ابن عُكيم، ورواه القاسم بن مُخيمرة، عن خالد، عن الحكم، وقال: إنه لم يسمعه من ابن عُكيم، ولكن من أناس دخلوا عليه ثم خرجوا، فأخبروه به.

قال: ولولا هذه العلل، لكان أولى الحديثين أن يؤخذ به حديث ابن عُكيم؛ لأنه إنما يؤخذ عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بالآخر فالآخر، والأحدث فالأحدث، على أن جماعة أخذوا به، وذهب إليه من الصحابة عمر بن الخطاب، وابنه عبد الله.

ثم روى الحازميّ بإسناده عن أبي الشيخ الحافظ أنه قال: حُكي أن


= عبد البرّ ٤/ ١٦٤، و"العلل" لابن أبي حاتم رقم (٧٧)، و"المجموع" للنووي ١/ ٢١٩.
(١) راجع: "إرواء الغليل" ١/ ٧٦ - ٧٩.