للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قادحة، وبعضهم بأن ابن أبي ليلى، راويه عن ابن عكيم لم يسمعه منه؛ لما وقع عند أبي داود عنه، أنه انطلق، وناس معه إلى عبد الله بن عكيم، قال: فدخلوا وقعدت على الباب، فخرجوا إليّ فأخبروني. فهذا يقتضي أن في السند مَن لم يُسَمَّ، ولكن صَحَّ تصريح عبد الرحمن بن أبي ليلى بسماعه من ابن عكيم، فلا أثر لهذه العلة أيضًا.

وأقوى ما تَمَسَّك به من لم يأخذ بظاهره، معارضة الأحاديث الصحيحة له، وإنها عن سماع، وهذا عن كتاب، وإنها أصح مخارج.

وأقوى من ذلك الجمع بين الحديثين بحمل الإهاب على الجلد قبل الدباغ، وأنه بعد الدباغ لا يسمى إهابًا، إنما يسمى قِرْبة، وغير ذلك، وقد نُقِلَ ذلك عن أئمة اللغة، كالنضر بن شُمَيل، وهذه طريقة ابن شاهين، وابن عبد البرّ، والبيهقيّ.

وأبعد مَن جَمَع بينهما بحمل النهي على جلد الكلب والخنزير؛ لكونهما لا يُدْبَغان، وكذا مَن حَمَل النهي على باطن الجلد، والإذن على ظاهره.

وحَكَى الماورديّ عن بعضهم أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لَمّا مات، كان لعبد الله بن عُكيم سَنة، وهو كلام باطلٌ، فإنه كان رجلًا. انتهى ما في "الفتح" (١).

قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن بما سبق من ذكر المذاهب وأدلّتها أن أقوى المذاهب قول من قال: يجوز الانتفاع بجلد الميتة بعد الدبغ مطلقًا، سواء كان مأكول اللحم، أو غير مأكوله، ولو خنزيرًا أو كلبًا، وأن الدباغ يُطهِّر ظاهره وباطنه، فهذا هو الحقّ؛ لأن الأحاديث الكثيرة الواردة في طهارة الإهاب إذا دُبغ عامّة لم تفرّق بين مأكول اللحم، وغير مأكوله، وبين الخنزير والكلب وغيرهما.

وأما حديث عبد الله بن عُكيم، فلا يقاوم هذه الأحاديث الصحاح، بل هو ضعيف (٢)؛ للاضطراب، كما تقدّم عن الإمام أحمد رحمه الله، ولجهالة مشايخ


(١) ٩/ ٥٧٥ - ٥٧٦ "كتاب الذبائح والصيد" رقم الحديث (٥٥٣١).
(٢) ضعفه كثير من الأئمة: ابن معين، وأبو حاتم، وأبو زرعة، والخطابيّ، والبيهقيّ، وابن عبد البرّ، والنوويّ. راجع: "المعرفة" للبيهقيّ ١/ ١٧٦، و"التمهيد" لابن =