للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

استثناء ذلك من جملة التحريم، وهو الجلد قبل الدباغ على جملة التحريم.

وذكر هذا القائل حديث ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، وحديث الشعبيّ، عن عكرمة، والزهريّ، عن عبيد الله، وقال: هذه الأخبار ثابتةٌ.

فإن قيل: قد اختلفوا فيه.

قيل: ليس الاختلاف مما يوهن الخبر، وليس يخلو ذلك من أحد معنيين: إما أن يكون ابن عباس سمع ذلك من ميمونة وسودة جميعًا؛ لأن كُلَّ مَن رَوَى ما ذكرناه، عن ابن عباس، عن ميمونة، أو سودة ثقةٌ، يجب قبول حديثه، فيَحْتَمِل أن يكون ابنُ عباس سمع الحديث منهما، فإن كان ذلك فهو ثابت، لا يَدفع له أن يكون ذلك ثابتًا عن أحدهما، فأيهما كان فهو مقبول، لا معنى لردّه، وأيهما كان غيره يجب قبوله.

وقال: فأما خبر ابن وَعْلَة، عن ابن عباس، فليس مما يجوز أن يكون أن يُقابَلَ به خبرُ عبيد الله بن عبد الله، ولا عطاء، ولا عكرمة إذا خالفوه؛ لأن هؤلاء حفاظ أصحاب ابن عباس، مع أن رواية ابن وعلة ليست بخلاف لرواية هؤلاء، قد يجوز أن يكون ابن عباس قد سمع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا دُبِغ الإهاب، فقد طَهُر"، مختصرًا، ويكون قد سمع من ميمونة وسودة، أو إحداهما قصة الشاة، وليس في رواية ابن وعلة قصة الشاة، ولا في حديث هؤلاء اللفظ الذي في رواية ابن وعلة، فيجوز أن يكونا حديثين محفوظين، كل واحد منهما غير صاحبه.

فإن قالوا: ليس في رواية معمر، عن الزهريّ ذكر الدباغ.

قيل لهم: قد رَوَى هذا الحديث ابنُ عيينة، وعُقيلٌ، والزُّبيديّ، وهؤلاء من ثقات أصحاب الزهريّ، وقد ذَكَروا الدباغ في حديثهم، والحافظ إذا زاد في الحديث شيئًا، فزيادته مقبولة.

فإن قال قائل: كيف يجوز أن يكون الدباغ في حديث الزهريّ يُرَخِّص (١) في جلود الميتة قبل الدباغ وبعده؟.


(١) هكذا نسخة "الأوسط"، والظاهر أنه سقط منه لفظة "وهو"؛ أي وهو يرخّص في جلود الميتة … إلخ.