للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ذلك من النطق بالشهادة بالرسالة، أو بما يدلّ عليها، لكنه سكت عن كلمة الرسالة؛ لدلالة كلمة التوحيد عليها؛ لأنهما متلازمان، فهي مرادة قطعًا، ثم النطق بالشهادتين يدلّ على الدخول في الدين، والتصديق بكلّ ما تضمّنه، وعلى هذا فالنطق بالكلمة الأولى يفيد إرادة الثانية، كما يقال: قرأت {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢)} [الفاتحة: ٢]، والمراد جميع السورة، ويدلّ على صحّة ما قلناه الروايات الأخرى التي فيها: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة"، وفي لفظ آخر: "أُمرتُ أن أقاتل الناسَ حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، ويؤمنوا بي وبما جئتُ به"، غير أن أبا بكر وعمر لم يحضرهما في وقت المناظرة غير ذلك اللفظ الذي ذكراه؛ إذ لو حضرهما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أُمرتُ أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ويُقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة" لارتفع البحث بينهما؛ لأن اللفظ نصّ في المطلوب، وأوضح في الدلالة مما استدلّ به أبو بكر - رضي الله عنه - من قوله: "لأقاتلنّ من فرّق بين الصلاة والزكاة"، ويعني بهذا أبو بكر - رضي الله عنه - والله أعلم - أن الله تعالى قد سوّى بين الصلاة والزكاة في الوجوب في قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: ٤٣]، وفي غيرها، فقد جمع الله تعالى بينهما في الأمر بهما، والصلاة المأمور بها واجبة قطعًا، فالزكاة مثلها، فمن فرّق بينهما قُوتل.

ويمكن أن يشير بذلك إلى قوله تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة: ٥]، ودليل خطابها أن من لم يفعل جميع ذلك لم يُخَلَّ سبيله، فيُقاتَلُ إلى أن يُقتَلَ أو يتوب. انتهى كلام القرطبيّ رحمه الله تعالى (١)، وهو تحقيقٌ حسنٌ، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة):

أنه استُدلّ بهذا الحديث على أن الزكاة لا تسقط عن المرتدّ. قال الحافظ: وتُعُقّب بأن المرتدّ كافر، والكافر لا يُطالب بالزكاة، وإنما يطالب


(١) "المفهم" ١/ ١٨٧ - ١٨٨.