يُقبل منه، أو لا؟ وأما من جُهل أمره، فلا خلاف في إجراء الأحكام الظاهرة عليه. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة):
في قوله - صلى الله عليه وسلم -: حتى يقولوا: "لا إله إلا الله" فإنه يفيد منع قتل من قال: "لا إله إلا الله"، ولو لم يزد عليه، "محمد رسول الله".
قال الحافظ رحمه الله تعالى: وهو كذلك، لكن هل يصير بمجرّد ذلك مسلمًا؟ الراجح لا، بل يجب الكفّ عن قتله حتى يُخْتَبَر، فإن شهد بالرسالة، والتزم أحكام الإسلام حُكِم بإسلامه، وإلى ذلك الإشارة بالاستثناء بقوله:"إلا بحقّ الإسلام".
وقال البغويّ رحمه الله تعالى: الكافر إذا كان وثنيًّا، أو ثنويًّا، لا يقرّ بالوحدانيّة، فإذا قال:"لا إله إلا الله" حُكم بإسلامه، ثُمَّ يُجبر على قبول جميع أحكام الإسلام، وأن يتبرّأ من كلّ دين يُخالف دين الإسلام، وأما من كان مقرًّا بالوحدانيّة، منكرًا للنبوّة، فإنه لا يحكم بإسلامه حتى يقول:"محمد رسول الله"، فإن كان يعتقد أن الرسالة المحمدية إلى العرب خاصّة، فلا بدّ أن يقول:"إلى جميع الخلق"، فإن كان كفر بجحود واجب، أو استباحة محرّم، فيحتاج أن يرجع عما اعتقده، ومقتضى قوله:"يجبر" أنه إذا لم يلتزم تُجرى عليه أحكام المرتدّ، وبه صرّح القفّال، واستدلّ بحديث الباب، فادعى أنه لم يرد في خبر من الأخبار:"أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله"، كذا قال، وهي غفلة عظيمة، فالحديث في "صحيحي البخاري ومسلم" في "كتاب الإيمان" من كلّ منهما، من رواية ابن عمر بلفظ:"حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله"، ويحتمل أن يكون المراد بقول:"لا إله إلا الله" هنا التلفّظ بالشهادتين؛ لكونها صارت علمًا على ذلك، ويؤيّده ورودهما صريحًا في الطرق الأخرى، انتهى (١).
وقال القرطبيّ رحمه الله تعالى: ظاهر هذا الحديث أن من نطق بكلمة التوحيد فقط حُكم له بحكم الإسلام، وهذا الظاهر متروك قطعًا؛ إذ لا بدّ مع