أحوط، وهو أحد علماء الدين، والعجب أنه يساوي بين حديث عائشة في وجوب الغسل بالتقاء الختانين، وبين حديث عثمان، وأبيّ في نفي الغسل إلا بالإنزال، وحديث عثمان ضعيف؛ لأن مرجعه إلى الحسين بن ذكوان المعَلِّم، يرويه عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن عطاء بن يسار، عن زيد، والحسين لم يسمعه من يحيى، وإنما نقله له، بـ "قال يحيى"، ولذلك أدخله البخاريّ عنه بصيغة المقطوع، وهذه علّة، وقد خولف حسين فيه عن يحيى، فرواه عنه غيره موقوفًا على عثمان، ولم يذكر فيه النبيّ - صلي الله عليه وسلم -، وهذه علّة ثانية، وقد خولف فيه أيضًا أبو سلمة، فرواه زيد بن أسلم، عن عطاء، عن زيد بن خالد، أنه سأل خمسة أو أربعة من الصحابة، فأمروه بذلك، ولم يرفعه، وهذه علّة ثالثة، وكم من حديث ترك البخاريّ إدخاله بواحدة من هذه العلل الثلاث، فكيف بالحديث إذا اجتمعت فيه، وحديث أُبيّ أيضًا يصعُب التعلّق به؛ لأنه قد صحّ رجوعه عما رَوَى لَمّا سَمِعَ، وعَلِمَ مما كان أقوى منه.
ويحتمل قول البخاريّ: الغسل أحوط؛ يعني في الدين، وهو باب مشهور في أصول الفقه، وهو أشبه بإمامة الرجل وعلمه (١).
قال الجامع عفا الله عنه: هكذا تجرّأ ابن العربيّ بالحكم على حديثٍ اتّفق الشيخان على تصحيحه، وتخريجه في "صحيحيهما"، سبحان الله إن هذا لهو العجب العُجَاب!!!.
قال ابن الملقّن - رحمه الله - بعد سوق كلام ابن العربيّ هذا، ما نصّه: قد أخرج البخاريّ حديث عثمان من غير طريق الحسين بن ذكوان، رواه عن سعد بن حفص، عن شيبان، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن عطاء، عن زيد بن خالد، عن عثمان مرفوعًا، وقال الدارقطنيّ: حدّث به عن يحيى حسينٌ المعلِّم، وشيبان، وهو صحيح عنهما.
(١) قال الحافظ - رحمه الله - بعد نقل كلام ابن العربيّ هذا، ما نصّه: قلت: وهذا هو الظاهر من تصرفه، فإنه لم يترجم بجواز ترك الغسل، وإنما ترجم ببعض ما يُستفاد من الحديث من غير هذه المسألة، كما استَدَلّ به على إيجاب الوضوء فيما تقدم. انتهى. "الفتح" ١/ ٤٧٤.