للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال: والاعتبار في الجماع بتغييب الحشفة من صحيح الذكر بالاتفاق، فإذا غَيَّبها بكمالها تعلقت به جميع الأحكام، ولا يشترط تغييب جميع الذكر بالاتفاق، ولو غيب بعض الحشفة، لا يتعلق به شيء من الأحكام بالاتفاق، إلا وجهًا شاذًّا ذكره بعض أصحابنا أن حكمه حكم جميعها، وهذا الوجه غلطٌ منكرٌ متروكٌ.

وأما إذا كان الذكر مقطوعًا، فإن بقي منه دون الحشفة، لم يتعلق به شيء من الأحكام، وإن كان الباقي قدر الحشفة فحسب، تعلقت الأحكام بتغييبه بكماله، وإن كان زائدًا على قدر الحشفة، ففيه وجهان مشهوران لأصحابنا، أصحهما أن الأحكام تتعلق بقدر الحشفة منه، والثاني لا يتعلق شيء من الأحكام إلا بتغييب جميع الباقي.

ولو لَفّ على ذكره خرقة، وأولجه في فرج امرأة ففيه ثلاثه أوجه لأصحابنا: الصحيح منها والمشهور، أنه يجب عليهما الغسل، والثاني: لا يجب؛ لأنه أولج في خرقة. والثالث: إن كانت الخرقة غليظة تمنع وصول اللذة والرطوبة، لم يجب الغسل، وإلا وجب.

ولو استدخَلت المرأة ذكر بهيمة، وجب عليها الغسل، ولو استدخَلت ذكرًا مقطوعًا، فوجهان، أصحهما يجب عليها الغسل. انتهى كلام النووي ببعض اختصار (١).

[تنبيه]: قال ابن العربيّ: قد رَوى جماعة من الصحابة المنع، ثم رجعوا، حتى رُوي عن عمر أنه قال: من خالف في ذلك جعلته نكالًا، وانعقد الإجماع على ذلك (٢)، ولا يُعبأ بخلاف داود في ذلك، فإنه لولا خلافه ما عُرِف (٣)، وإنما الأمر الصعب خلاف البخاريّ في ذلك، وحكمه بأن الغسل


(١) "شرح النوويّ" ٤/ ٤١.
(٢) هذا غير صحيح، فلا زال الخلاف قائمًا، كما ستعرفه.
(٣) هذا مما لا يليق بمثل ابن العربيّ من الحط على داود، فإن داود - رحمه الله - إمام من الأئمة المعتبرين، وبالجملة فإنه لا يكون دونك يا ابن العربي، قاتل الله التعصب، إنا لله وإنا إليه راجعون.