للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

رحمه الله تعالى في "الفتح" بعد أن ذكره بلفظ "عناقًا" ما نصّه: ووقع في رواية قتيبة، عن الليث، عند مسلم "عقالًا"، وأخرجه البخاريّ في "كتاب الاعتصام" عن قتيبة، فكَنَى بهذه اللفظة، فقال: "لو منعوني كذا".

واختُلِفَ في هذه اللفظة، فقال قوم: هي وَهَم، وإلى هذا أشار البخاريّ بقوله في "الاعتصام" عقب إيراده: قال لي ابنُ بُكير - يعني شيخه فيه هنا - وعبدُ الله - يعني ابن صالح - عن الليث: "عَنَاقًا"، وهو أصحّ، ووقع في روايةٍ ذكرها أبو عُبيدة: "لو منعوني جَدْيًا أَذْوَط"، وهو يؤيّد أن الرواية "عَناقًا"، و"الأذوط" الصغير الفَكّ والذَّقَنِ. قال: و"العَنَاق" - بفتح المهملة، والنون -: الأنثى من ولد المعز. انتهى (١).

وقال النوويّ رحمه الله تعالى في "شرحه": هكذا في مسلم "عِقَالًا"، وكذا في بعض روايات البخاريّ، وفي بعضها "عَنَاقًا" - بفتح العين، وبالنون وهي الأنثى من ولد المعز وكلاهما صحيح وهو محمول على أنه كرّر الكلام مرتين، فقال في مرة: عقالًا، وفي الأخرى "عناقًا"، فرُوي عنه اللفظان.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: اعترض الحافظ على النووي هذا التأويل، فقال: وهو بعيد، مع اتحاد المخرج والقصّة، انتهى.

لكن الذي يظهر لي أن ما قاله النوويّ ليس ببعيد، لأنه يمكن أن يُكَرِّر أبو بكر - رضي الله عنه - الكلام في مجلس واحد تأكيدًا، وتشديدًا، فيتلفّظ باللفظين، فينقل عنه، وهذا لا إشكال فيه، فما قاله النووي قريب، لا بعيد، فتأمّله. والله تعالى أعلم.

قال: فأما رواية العَنَاق، فهي محمولة على ما إذا كانت الغنم صغارًا كلها بأن ماتت أمهاتها في بعض الحول، فإذا حال حول الأمهات زُكي السِّخال الصغار بحول الأمهات، سواء بقي من الأمهات شيء، أم لا، هذا هو الصحيح المشهور.

وقال أبو القاسم الأنماطيّ من الشافعية: لا يزكِّي الأولاد بحول الأمهات، إلا أن يبقى من الأمهات نصاب.


(١) "الفتح" ١٤/ ٢٨٠.