في الأمور الدينيّة غير محمود، ولذا قالت أم سُليم - رضي الله عنها -: "يا رسول الله إن الله لا يستحيي من الحقّ. . ." الحديث، متفق عليه.
[تنبيه]: اخْتَلَف النحاة في إعراب هذا التركيب، والأصحّ من أقوالهم: أن "نعم" و"بئس" فعلان ماضيان لإنشاء المدح والذمّ، فلا يتصرّفان؛ فلم يُستعمَل منهما غير الماضي، ولا بدّ لهما من مرفوع هو الفاعل، وهو على ثلاثة أقسام:
[الأول]: أن يكون محلّى بالألف واللام، كـ "نعم النساءُ"، وكقوله تعالى: {فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} [الحج: ٧٨].
[والثاني]: أن يكون مضافًا إلى ما فيه "أل"، نحو قوله تعالى: {وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ} [النحل: ٣٠].
[والثالث]: أن يكون مضمرًا مفسَّرًا بنكرة بعده منصوبة على التمييز، نحو قول الشاعر [من البسيط]:
لَنِعْمَ مَوْئِلًا الْمَوْلَى إِذَا حُذِرَتْ … بَأْسَاءُ ذِي الْبَغْي وَاسْتِيلَاءُ ذِي الإِحَنِ
وإلى هذا أشار ابن مالك رحمه الله في "الخلاصة" بقولَه:
فِعْلَانِ غَيْرُ مُتَصَرِّفَيْنِ … "نِعْمَ" وَ"بِئْسَ" رَافِعَانِ اسْمَيْنِ
مُقَارِنَيْ "أَلْ" أَوْ مُضَافَيْنِ لِمَا … قَارَنَهَا كـ "نِعْمَ عُقْبَى الْكُرَمَا"
وَيَرْفَعَانِ مُضْمَرًا يُفَسِّرُهْ … مُمَيِّزٌ كـ "نِعْمَ قَوْمًا مَعْشَرُهْ"
ثم إن فاعل "نعم" و"بئس" إذا كان مؤنثًا، يجوز في الفعل إثبات التاء وحذفها، وإن كان مفردًا مؤنّثًا حقيقيًّا، كقول عائشة - رضي الله عنها -: "نعم النساء"، وإنما جاز ذلك، لأن فاعلها مقصود به استغراق الجنس، فعُومل معاملة جمع التكسير في جواز إثبات التاء وحذفها؛ لشبهه به، وإلى هذا أشار في "الخلاصة" بقوله:
وَالْحَذْفَ فِي "نِعْمَ الْفَتَاةُ" اسْتَحْسَنُوا … لأَنَّ قَصْدَ الْجِنْسِ فِيهِ بَيِّنُ
ثم جملة قولها: "نعم النساء" من الفعل والفاعل خبر مقدّم لقولها: "نساء الأنصار"، أو هو خبر لمحذوف، تقديره: المخصوص بالمدح نساء الأنصار، وإلى هذا أشار في "الخلاصة" بقوله:
وَيُذْكَرُ الْمَخْصُوصُ بَعْدُ مُبْتَدَا … أَوْ خَبَرَ اسْمٍ لَيْسَ يَبْدُو أَبَدَا
وَإِنْ يُقَدَّمْ مُشْعِرٌ بِهِ كَفَى … كـ "الْعِلْمُ نِعْمَ الْمُقْتَنَى وَالْمُقْتَفَى"