أي تنظّفي بتلك الفِرصة المُمَسّكة (فَقَالَتْ أَسمَاءُ: وَكَيْفَ تَطَهَّرُ بِهَا؟، فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("سُبْحَانَ الله، تَطَهَّرِينَ بِهَا") بحذف إحدى التاءين أيضًا، وهو خبر بمعنى الأمر، كقوله تعالى:{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ} الآية [البقرة: ٢٢٨]، وقوله:{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ} الآية [البقرة: ٢٣٣]، (فَقَالَتْ عَائِشَةُ) - رضي الله عنها - (كَأَنَّهَا تُخْفِي ذَلِكَ: تَتَبَّعِين أَثرَ الدَّمِ). قال النوويّ رحمه الله: معناه: قالت لها كلامًا خفيًّا. انتهى.
فضمير "كأنها" لعائشة - رضي الله عنها -، ومعنى "تُخفي ذلك"، أي تستر كلامها لئلا يسمعه النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، أو غيره، فاسم الإشارة يرجع إلى قولها المفهوم من "قالت"، يعني أن عائشة - رضي الله عنها - لَمّا لم تفهم أسماءُ مراد النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "تطهّرين بها" قالت لها: معناه: تتبعين بتلك الْفِرصة أثر الدم، وتُنَظّفينه بها، والله تعالى أعلم.
(وَسَأَلَتْهُ)، أي سألت أسماء النبيّ - صلى الله عليه وسلم - (عَنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ؟)، أي عن كيفيّته (فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("تَأْخُذُ) الضمير لإحداكنّ (مَاءً، فَتَطَهَّرُ، فَتُحْسِنُ الطُّهُورَ، أَوْ) للشكّ من الراوي (تُبْلِغُ الطُّهُورَ) من الإبلاغ، ويحتمل أن يكون من التبليغ، يقادٍ أبلغه السلام، وبلّغه بالألف والتشديد: إذا أوصله، والمراد بإبلاغ الطُّهُور إحسانه، كما تقدّم قريبًا. (ثُمَّ تَصُبُّ عَلَى رَأسِهَا، فَتَدْلُكُهُ حَتَّى تَبْلُغَ) وفي بعض النسخ: "حتى يَبْلُغَ" بالياء، أي يَصِلَ الماء (شُؤُونَ رَأْسِهَا، ثُمَّ تُفِيضُ عَلَيْهَا الْمَاءَ"، فَقَالَتْ عَائِشَةُ) - رضي الله عنها - (نِعْمَ النِّسَاءُ) فعلٌ وفاعل، والجملة خبر مقدّم، لقولها:(نِسَاءُ الأَنْصَارِ) وهو المخصوص بالمدح، وهذا الكلام قالته عائشة - رضي الله عنها - مدحًا لأسماء، حيث إنها جرّأت نفسها على سؤال ما يُستحيا منه عادةً؛ لأنه أمرٌ دينيّ مهمّ، لا يُعذر فيه أحدٌ، ممن وقع عليه التكليف، من الرجال والنساء، فاضطرّت إلى السؤال عنه، وألقت جلباب الحياء العاديّ؛ لأن الحياء