شؤونه كلّها، كما قال تعالى:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ}[آل عمران: ٣١]، فإن لم تدع المحبّة صاحبها إلى الاتّباع فهي مجرّد دعوى لا حقيقة لها، ولا بيّنة عليها.
(ومنها): قول بعضهم: إن إصلاح القلب وتزكية النفس، وتزكية الباطن هو الأصل في الدين، فإذا صفا قلبك، وطهُر باطنك فلا حاجة إلى إعفاء اللحية، والتقيّد بزيّ من الأزياء.
قلنا: هذا أيضًا من أبطل الشُّبَه، يناقض بعضه بعضًا، فإن القلب إذا صلح صلح الجسد معه، والباطن إذا زكا زكا الظاهر معه، كما شهد بذلك الحديث الصحيح:"ألا إن في الجسد مضغةً إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كلّه، ألا وهي القلب"، متّفق عليه.
ففساد الباطن يدعو إلى فساد الظاهر، فمن صلح قلبه، وزكى باطنه لا محالة يضطرّ إلى السلوك وفق سنّة النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ولا يمكن ادّعاء صفاء الباطن، وصلاح القلب مع هذا الإجرام، والإصرار عليه.
فأنصف من نفسك أيها الأخ المسلم، ولا تخدعها بما لا ينفعها يوم الحساب، من مثل هذه الشُّبه الباطلة، والحجج العاطلة، وهل تتوهّم أن تنجو يوم لقاء ربّك بمثل هذه الحيل؟ كلّا ثم كلّا.
(ومنها): أن بعضهم يقول: إن الإسلام ليس بمنحصر في اللحية، ولا يكفَّر الرجل بحلق لحيته، فلماذا هذا التشدّد؟.
قلنا: حلق اللحية والإصرار عليه عنادًا من الذنوب التي لا يختلف فيها أهل العلم، فهو كسائر المعاصي التي لا يخرج الإنسان بها من الإيمان إلا إذا استحلّها، كما هو شأن سائر المعاصي، إلا أننا نسألكم لو كان الإيمان وحده كافيًا لكون الرجل مقبولًا عند الله تعالى لَمَا كانت الحاجة ماسّةً إلى بيان الأوامر والنواهي، ولَمَا كان الكتاب والسنّة مملوءين من الترغيب في الخير،