والترهيب من الشرّ، ولَمَا أوعد الله تعالى أهل المعاصي بعذاب القبر، وعذاب جهنّم.
ثم إن العلماء لا يهتمّون بإبلاغ أمره - صلى الله عليه وسلم - بإعفاء اللحى فقط، بل إنهم يبلّغون جميع الأحكام الشرعيّة، أوامرها ونواهيها ليلًا ونهارًا، غير أن حالقي اللحى لمّا لم يخضعوا لأمره - صلى الله عليه وسلم -، بل يتّبعون أهواءهم، ويطيعون شياطينهم، ويقلّدون أعداءهم، ويستهزئون بما أمر به النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، كان الاهتمام بإرشادهم أشدّ من هذه الناحية، لا من حيث كونه أشدّ المعاصي، فتنبّه.
وقال الشيخ التهانويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: من أصرّ على حلق اللحية، واستحسنه، وظنّ أن إعفاء اللحية عارٌ ومذلّةٌ، وسَخِرَ بأصحاب اللحى، أو استهزأ بهم - أي مع أنه يعلم أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أمر بإعفائها، وأنه كانت له لحية كثّة - فلا يمكن أن يكون إيمانه سالِمًا، بل يجب عليه قطعًا أن يتوب إلى الله تعالى، ويُجدّد الإيمان، وعليه أن يُحبّ صورة نبيّه - صلى الله عليه وسلم -، ويختارها لنفسه ولجميع المسلمين. انتهى.
وقال أيضًا: لو كان إعفاء اللحية سببًا للعار عند بعض الحمقى، فإنه لا يجوز للمسلم أن يترك ما وجب عليه لأجل أهل الحماقة والسفاهة، ولو ذهبنا نتأثّر بما يقول الناس لا نكاد نستقيم على إيماننا، فإن الكفّار والمشركين يعُدّون الإسلام والإيمان عارًا، أفنترك الإيمان والإسلام - والعياذ بالله - لإجل إرضاء الكفرة؟ كلّا.
فلما آمنا واعتصمنا بدين الإسلام، ورضيناه دينًا في كلّ حال، ولو كره الكافرون، كذلك يجب علينا أن نرضى بهيئة الإسلام، ونتأسّى بنبيّنا نبيّ الرحمة - صلى الله عليه وسلم -، رغم أنوف الفاسقين الذين يختارون لأنفسهم صور الكافرين والمشركين، فإن الاهتمام بإرضاء الأعداء تلبيس من الشيطان، وقد قال الله تعالى:{وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى}[البقرة: ١٢٠].
وقال أيضًا: ويشتدّ الأسف عندما نرى طلبة العلوم الدينيّة مبتلين بهذه المعصية، فمثلهم {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا}[الجمعة: ٥]، وجريمتهم هذه أشدّ من جريمة غيرهم؛ لأنهم يعلمون ما في الكتاب والسنّة، ثم يختارون