للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

(ومنها): قول بعضهم: إني أحلق مقلّدًا لبعض العلماء.

نقول: هذا الذي يحلق لحيته دون ضرورة ليس من أهل العلم المهديين، بل هو من علماء السوء الضالّين المضلّين، ومما يجب التنبّه له أن الإنسان إذا مات مات شرّه معه غالبًا إلا علماء السوء، فإنهم إذا ماتوا لم تمت سنتهم السيئة، بل يبقى في الأمة شرّها، وينتشر في الأرض شررها، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "من سنّ في الإسلام سنة حسنة، فعُمِل بها بعده، كُتب له مثل أجر من عمل بها، ولا ينقص من أجورهم شيء، ومن سنّ في الإسلام سنة سيئة، فعمل بها بعده كُتب عليه مثل وزر من عَمِل بها، ولا ينقص من أوزارهم شيء"، رواه مسلم.

فهذا العالم السوء الذي يسنّ للناس المنكرات يلحقه بعد موته إثم كلّ من عَمِل بما سنّه لهم من هذه السنّة السيّئة، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

(ومنها): أن بعضهم يقول: إن إعفاء اللحية سنّة، وليس بواجب.

نقول: كونه سنةً حقّ لا يُنكر؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - شرعه، وأمر به، فهو سنّته، وأما دعوى عدم الوجوب فباطلٌ، فقد تقدّم أن الحقّ أنه واجب، وأن حلقها حرام، فكيف يدّعي عدم الوجوب من يسمع قوله - صلى الله عليه وسلم -: "خالفوا المشركين، وَفِّرُوا اللِّحَى، وأَحْفُوا الشوارب"، متّفق عليه، وأمره - صلى الله عليه وسلم - للوجوب، فمخالفة المشركين، وتوفير اللحية، وإحفاء الشوارب واجبة.

وبالجملة فقد كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يوفّر لحيته، ويأمر بها، والغريب أن من ادّعى السنيّة يعلم أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إنما سنّها لنعمل بها، لا لنتركها.

وأغرب من ذلك أن الذين يحلقون لحاهم يدّعون أنهم يُحبّون الرسول - صلى الله عليه وسلم -، بل يزعمون أنه أحبّ إليهم من أهلهم وأموالهم، ثم لا يُحبّون صورته - صلى الله عليه وسلم - التي يعلمون أنه كان ملتحيًا، ويحبّون صورة أعدائه الكفرة الحالقين لحاهم، ومن المعلوم لدى العامّ والخاصّ أن المحبّ يُحبّ كلّ ما كان منسوبًا إلى محبوبه، من الصورة، والسيرة، واللباس، والهيئة، حتى يحب داره وجداره وكساءه ورداءه، وكلّ ما يُنسب إليه.

فالذي يؤمن بالله - سبحانه وتعالى - ورسوله - صلى الله عليه وسلم - يكون الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - أحبّ إليه مما سواهما، وهذه المحبّة لا محالة تضطرّ صاحبها إلى اتّباع الرسول - صلى الله عليه وسلم - في