للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال وكره آخرون التعرُّض لها إلا في حجّ أو عمرة، وأسنده عن جماعة، واختار قول عطاء، وقال: إن الرجل لو ترك لحيته، لا يتعرض لها حتى أفحش طولها وعرضها، لَعَرَّض نفسه لمن يَسْخَر به، واستَدَلَّ بحديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - "كان يأخذ من لحيته من عرضها وطولها"، وهذا أخرجه الترمذيّ، ونَقَل عن البخاريّ أنه قال في رواية عُمَر بن هارون: لا أعلم له حديثًا منكرًا إلا هذا. انتهى.

وقد ضَعَّف عُمر بن هارون مطلقًا جماعة.

قال الجامع عفا الله عنه: الحقّ أن حلق اللحية حرام، وهو الذي نصّ عليه الإمام الشافعيّ في "الأمّ" كما قال ابن الرفعة، وقال الأذرعيّ: الصواب تحريم حلقها جملة لغير علّة بها. انتهى. وأما الأخذ من طولها إذا فحش فلا بأس به؛ كما ثبت ترخيص ذلك عن بعض السلف - رحمهم الله تعالى -.

والحاصل أن ترك اللحية على حالها، وعدم التعرّض لها هو الصواب؛ لظواهر النصوص، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أعفوا"، و"أوفوا"، و"وفّروا"، وإن ترخّص أحد في أخذ ما زاد على القبضة اتّباعًا لما ثبت عن بعض السلف، كابن عمر وغيره، فلا بأس به؛ لأن ابن عمر - رضي الله عنهما -، مع شدّة اتّباعه للسنّة، وهو الذي رَوَى حديث "أعفوا اللحى" كان يأخذ من لحيته ما زاد على القبضة، فلولا أن عنده حجةً على هذا لَمَا فعله، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

[فائدة]: نقل النوويّ عن الغزاليّ، وهو في ذلك تابع لأبي طالب المكيّ في "القوت" قال: يكره في اللحية عشر خصال: خَضبها بالسواد لغير الجهاد، وبغير السواد؛ إيهامًا للصلاح، لا لقصد الاتّباع، وتبييضها؛ استعجالًا للشيخوخة؛ لقصد التعاظم على الأقران، ونتفها؛ إبقاء للمرودة، وكذا تحذيفها، ونتف الشيب، ورجّح النوويّ تحريمه؛ لثبوت الزجر عنه، وتصفيفها طاقةً طاقةً تصنعًا ومخيلةً، وكذا ترجيلها، والتعرض لها طولًا وعرضًا على ما فيه من الاختلاف، وتركها شَعِثَةً؛ إيهامًا للزهد، والنظرُ إليها إعجابًا، وزاد النوويّ: وعقدُها؛ لحديث رُوَيفع رفعه: "مَن عَقَد لحيته، فإن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - منه